البرهان 126
من سورة التوبة
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ *
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }
{ 128 - 129 }
يمتن [تعالى] على عباده المؤمنين بما بعث فيهم النبي الأمي
الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه،
ولا يأنفون عن الانقياد له،
وهو
في غاية النصح لهم،
والسعي في مصالحهم.
{ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ }
أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم.
{ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ }
فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم،
ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان،
ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه.
{ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم.
ولهذا كان حقه مقدما على سائر حقوق الخلق،
وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره، وتوقيره
{ فَإِنْ } آمنوا، فذلك حظهم وتوفيقهم،
وإن { تَوَلَّوا } عن الإيمان والعمل،
فامض على سبيلك، ولا تزل في دعوتك،
وقل { حَسْبِيَ اللَّهُ } أي: الله كافيَّ في جميع ما أهمني،
{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } أي: لا معبود بحق سواه.
{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت ووثقت به،
في جلب ما ينفع، ودفع ما يضر،
{ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } الذي هو أعظم المخلوقات.
وإذا كان رب العرش العظيم، الذي وسع المخلوقات،
كان ربا لما دونه من باب أولى وأحرى.