مبايعة عليٍ للشيخين حجة دامغة
ولقد عللّ مشايخ الشيعة بيعة علي لأبي بكرٍ وعمر
بتعليلات أهمها:
التعليل الأول:
أن بيعته كانت خوفاً على الإسلام من الضياع.
ومما يُبطل هذا التعليل أن عصر الإسلام
في عهد عمر وعثمان كان عصراً ذهبياً
امتدت فيه الخلافة من الشرق حتى بخارى
ومن الغرب حتى شمال أفريقيا.
التعليل الثاني:
أنه بايعهم تقيّةً،
أي أظهر لهم الموافقة ظاهراً ،
وأسرّ في قلبه عدم الرضى عن خلافتهم وبيعتهم.
وهذا التعليل أقبح من الذي قبله ،
إذ يجعل من شخصية عليٍّ شخصية مزدوجة
خائفة جبانة مضطربة تتظاهر بخلاف ما تُبطن،
وهذا ما لا يُعهد عنه لمن يعرف شجاعته الفائقة ،
وقوته في الحق
ولمن يطّلع على الروايات التي تثبت شجاعته ،
وقد روى المرتضى في نهج البلاغة عن علي أنه قال :
" وإني من قومٍ لا تأخذُهم في الله لومة لائم ". [1]
وإذا قلنا أن بيعته لهم كانت تقيةً
فماذا نقول في بقائه وزيراً لهم
طيلة فترة خمس وعشرين سنةً من خلافتهم ؟
إنه لمن الصعب الاعتقاد
أنه كان يستخدم التقية طيلة تلك الفترة.
وهل كان تزويج ابنته لعمر تقيّةً أيضاً ؟
وهل كانت تسمية أولاده بأسماء الخلفاء الثلاثة
تقيةً أيضاً ؟ [2]
إن أهل السنة يرون أن نسبة التقية
إلى واحدٍ من أشجع أهل الأرض ( أعني عليّاً )
إنما هو طعنٌ فيه.
ويتساءلون:
هل يحب الشيعة علي بن أبي طالب حقاً
بينما ينسبون إليه مثل هذه الأمور ؟.
التعليل الثالث:
أن علي بن أبي طالب
رفض الخلافة
عندما عُرضت عليه قائلاً :
" دعُوني والتمسوا غيري
فلأن أكون لكم وزيراً خير لكم
من أكون عليكم أميراً " [3]
وقال عند مبايعته عقب مقتل عثمان:
" والله ما كانت لي الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة ،
ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها " . [4]
فلا يبدو من خلال هذه النصوص
أن عليّاً كان يعتقد بنصية إمامته من القرآن ،
وإلا فلو كان يعتقد ذلك لما قال :
" دعوني والتمسوا غيري "
ولما قال :
" والله ما كانت لي في الخلافة رغبة "
ولما بايع أبا بكرٍ وعمر وعثمان ،
فإن هذا عصيانٌ للنص الإلهي
على افتراض وجوده ،
ومخالفة صريحةٌ لحديث " غدير خم "
على افتراض صحته .
=============
[1] - نهج البلاغة 159 .
[2] - سيأتي مزيد بيان لحقيقة موقف أهل البيت من الصحابة.
[3] - نهج البلاغة 181 – 182 .
[4] - نهج البلاغة 322 .