29- ويقول في وصف أمير المؤمنين الملهم بالحق عمر بن الخطاب ([1]). آخرين يقولون هاتوا قلماً ودواة ليكتب لنا رسول الله هذا الكتاب الذي لا نضل من بعده. فيقول عمر وبإصرار: لا. لا. ألم يسمع أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول عن الكتاب (لا تضلوا من بعده)؟. إن كان يهمه أمر الامة فسيكون حريصاً جداً جداً على كلمة واحدة فيها أمان للأمة من الضلال، والسلامة للأمة من الضلال لأنه يعلم أن الذي تكلم بهذه العبارة هو رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، لكن لا، هو يعلم ماذا سيصنع النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وسيعارضه لأن له أهدافاً، له آمالاً أخرى، هو لا يهمه أمر الأمة تضل أو لا تضل فيحول بين الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وبين كتابة هذا الكتاب بعد أن سمع من الرسول ( أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ) ألم يكشف لنا هنا نفسية عمر أنه إنسان لا يهمه أمر الأمة، أنه إنسان لا يتألم فيما إذا ضلت الأمة، أنه إنسان يحول دون كتابة كلام يحول دون ضلال الأمة، هل هذا إنسان يهمه في أعماق نفسه أمر الأمة وأمر الدين؟. لا. إذاً فهذه النوعية هي التي لا تصلح إطلاقاً أن تحمل لها ذرة ولاء وإن نُمِّقَتْ أمامك وادّعوا لها الآلاف من الفضائل من هذه الشكليات مثل ألف ركعة، وأنه قرأ القرآن في سجدة، وأنه يتبخر من فهمه رائحة الشَّواء من خوف الله وعناوين من هذه. لا، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي هو إنسان قرآني يتحرك بحركة القرآن ويعرف قدرة القرآن على كشف الآخرين، يكشف للناس في آخر أيامه نفسية عمر، ويكفينا أن يكشف لنا نفسية عمر لأن عمر أصبح عَلماً للخط الآخر، عمر هو مهندس كل تلك المتغيرات من الصعود بأبي بكر، والإمام علي كشف المسألة أيضاً فقال لعمر (( إحلب حلباً لك شطره، شدها له اليوم يردها عليك غداً)). وعمر هو الذي قال لأبي بكر: ( أمدد يدك لأبايعك ) ألم يرفع أبا بكر بين الضجة؟. هو الذي هندس للخلافة أن تصل إلى عثمان، هو الذي هندس ورتب أوضاع معاوية أن يكون في الشام هو الشخص الذي يمكن أن يكون مؤهلاً لأن يضرب علياً متى ما تحرك هو أو أحد من أهل بيته في أي فترة، هو الذي رفع بني أمية بعد أن وضعهم الإسلام، وأصبحوا مجتمعاً منحطاً في نظر الأمة، هو الذي رفعهم من جديد فأصبحوا يمتلكون الأموال الهائلة، وأصبح لهم علاقات واسعة في أوساط كثير من زعماء العشائر في هذه الأمة. إذاً من خلال أن يكشف عمر وكل من يدور في فلك عمر أنهم ليسوا جديرين بأن يلوا أمر الأمة ولا أنهم يهتمون بأمر الأمة، أليس هذا هو الذي حصل؟. وبعد ذلك فليقولوا ما يقولون: فاروق، صدّيق وأشياء من هذه لو يقولوا ما يقولون. كلمة ( فاروق ) أليست كلمة كبيرة، فيظهر لك عمر يرتفع إلى هناك... 30- ويقول في أمير المؤمنين عثمان بن عفان ([2]). لكنهم متى ما تحدثوا عن غزوة تبوك تراهم منشغلين بأن عثمان أعطى مبلغاً كبيراً لتمويل هذه الغزوة، هذا هو المهم عندما يعرضوه في المناهج الدراسية، وعندما يتحدث أحد من الكتاب في السيرة أهم شيء أن يتحدث عن ما أعطاه عثمان من تمويل لهذه الغزوة الذي هو معرضٌ للشك وانعدام الواقعية في أنه أعطى فعلاً. [1] - من ملزمة سورة المائدة: الدرس الثاني صـ 22 – 23. [2] - من ملزمة يوم القدس العالمي صـ 32. 31- عندما ألقى الروافض بأبي بكر وعمر من فوق جنوبهم وتولوا الإمام علياً أصبحوا حزب الله ومن الحماقة التوحد أو الارتباط مع من يتولاهما ([1]). فإذا كان الشيعة الإمامية كما نراهم الآن، أليسوا هم متميزون من بين العرب جميعاً بموقفهم العالي من بين العرب؟. أليسوا هم رافعين رؤوسهم من بين العرب في إيران وفي جنوب لبنان؟. من لديهم ولاية الإمام علي (())، وسنكون نحن الزيدية جديرون بأن نكون أعظم قوة منهم لأن ولاءنا للإمام علي () ولأهل البيت عليهم السلام - فيما نعتقد - هو أكثر إيجابية من ولائهم هم لهم فتلك فقط شذرة من شذارت ولاية الإمام علي أعطتهم هذا المقام العالي، فعندما ألقوا بأبي بكر وعمر من فوق جنوبهم وتولوا الإمام علياً أصبحوا في هذا المقام. السُّنِّي الوهابي يُجَنُّ من حديث مثل هذا، يُجَنُّ، وهو مستعد أن تتحطم الأمة كلها ولا يتخلى عن أبي بكر وعمر. إذاً فأنت تشهد على أنك تعيش المشكلة وتعمى عن حل المشكلة، وأنك تحب المشكلة نفسها: أن تتحطم هذه الأمة ولا تتخلى عنهم. إذا كنت تعتقد أنما يقال وما يصدر من مثل هذا القول قول غير حقيقي فارجع أنت إلى القرآن الكريم وارجع إلى واقعك أنت، انظر ما الذي ينقصك، إن كان {وَالَّذِينَ آمَنُوا} هم أبو بكر وعمر أو الصحابة كما تقول فأنت تتولاهم وتهتف بولائهم أكثر مما نتولى الإمام علياً (())وأنت لا ينقصك عدد ولا تنقصك عدّة، ومن يحكمك هم من توجب طاعتهم، هم من ينسجم حكمهم مع القرآن - من وجهة نظرك - إذاً فلماذا لا تكونون حزب الله؟ فعلاً لأنهم غير جديرين بأن يكونوا حزب الله، هناك خلل واضح هم لا يكادون يعترفون به إطلاقاً. فمن الحماقة أن نرتبط بهم، أو نفكر بأن بالإمكان أن نتوحد معهم إذا توحدنا معهم فهم يريدون أن نتوحد معهم تحت رايتهم، هم لن يقبلوا أي واحدٍ من أهل البيت أو من شيعة أهل البيت، من أولياء الإمام علي () ليلتفوا حوله ؛لأنه عندما يصعد سيواجه بأنه رافضي خبيث، كما عملوا بالإمام الخميني نفسه، وكما عملوا بحسن نصر الله، وكما عملوا بحزب الله بكله، لا يتكلمون عن حزب الله بكلمة ولم يتكلموا عن عباس الموسوي ولا عن حسن نصر الله ولا عن أولئك الذين قادوا ذلك الحزب الذي هو حزب الله، لم يتكلموا عنهم بكلمة؛ لأنهم [روافض خباث!]، فأن نتجه نحن نحوهم لنـتوحد تحت رايتهم نحن سندخل في المشكلة وسنعمى كما عموا.