بـاب السيـرة النبـويـة يختص بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومأثره والدفاع عنه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-01-15, 03:16 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
عقيدتي نجاتي
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية عقيدتي نجاتي


البيانات
التسجيل: Jun 2012
العضوية: 8290
المشاركات: 1,600 [+]
بمعدل : 0.37 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 16
نقاط التقييم: 188
عقيدتي نجاتي مدهشعقيدتي نجاتي مدهش

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
عقيدتي نجاتي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بـاب السيـرة النبـويـة

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ أحداث السِّيرة النَّبويَّة كثيرةٌ، ومن أعظمِ ما مرَّ على صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو وفاته وانتقاله إلى الرَّفيق الأعلى، فَتَرَكَتْ في نفوسهم حَسْرَةً كبيرةً لا يعلم تأثيرها فيهم إلاَّ ربُّ العِزَّة عزَّ وجلَّ.
وقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم يشير إلى وفاته في مواضعَ متعدِّدة ومناسبات مختلفة، فلمَّا بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا إلى اليمن «خرج معه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوصيه، ومعاذ راكبٌ ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يمشي تحت راحلته، فلمَّا فرغ قال: «يَا مُعَاذُ! إِنَّكَ عَسَى أَنْ لاَ تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بمَسْجِدِي هَذَا أوَ قَبْرِي»، فَبَكَى معاذ جَشَعًا لفراق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، ثمَّ التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بي الْمُتَّقُونَ؛ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا»(1)، وقال في حجَّة الوداع للصَّحابة الكرام العبر وفاة البشر: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِه»(2)، وفي رواية: «لَعَلِّي لاَ أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا»، وقال عند رجوعه إلى المدينة من هذه الحجَّة: «أَمَّا بَعْدُ: أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ... »(3)، إلى غير ذلك من إشاراته للخاصِّ من الصَّحابة والعامِّ بأقواله وأفعاله.
وقد خيَّره الله تعالى بين البقاء في هذه الدُّنيا وبين لقاء الله، فاختار النَّبيُّ المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم اللُّحوق بالرَّفيق الأعلى، فعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو صحيح يقول: «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّة، ثُمَّ يُحَيَّا أو يُخيَّر ... » الحديث(4).
ولم يخترْ صلَّى الله عليه وسلَّم اللُّحوق بربِّه حتَّى أكمل الله به بيان الدِّين وترك النَّاسَ على المحجَّة البيضاء ليلِها كنهارها، وبلَّغ الرِّسالة وأدَّى الأمانة حقَّ الأداء، وقد اختار صلَّى الله عليه وسلَّم اللُّحوق بالرَّفيق الأعلى محبَّةً للقاء الله، ورأفةً بأمَّته، ورعايةً لمصلحتها، وقد ثبت عنه أنَّه قال: «إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ»(5)، فقبضه صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أمَّته مِنْ رحمةِ الله تعالى بهذه الأمَّة الإسلاميَّة.
والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا مرض المرض الَّذي تُوفي منه بيَّن لأمَّته أحكامًا وآدابًا كثيرة يحسن بالمسلم الوقوف عندها، والعمل بها اقتداءً بسيِّد الخلق، عليه أفضل الصَّلاة وأزكى التَّسليم.
فقد اشتكى صلَّى الله عليه وسلَّم من وَجَعِ رأسه، وسمع من عائشة العبر وفاة البشرا - من شدَّة غيرتها - كلامًا ابتسم له وهو يتوجَّع، فعن عائشة العبر وفاة البشر قالت: «رجع إليَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذات يوم من جنازة بالبَقِيعِ وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأنا أقول: وَارَأْسَاه، قال: «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاه»، ثمَّ قال: «مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ»، قلت: لكنِّي - أو لَكأنِّي - بك والله لو فعلتَ ذلك لقد رَجعتَ إلى بيتي فأعْرَستَ فيه ببعض نسائك، قالت: فتبَسَّم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثمَّ بُدئ بوَجعه الَّذي مات فيه»(6).
بل كان يدور على نسائه وهو في تلك الحال بيانًا لما كان يتحلَّى به من العدل بين الزَّوجات وعدم ظلمِهِنَّ إلى أن اشتدَّ به المرضُ استأذنهنَّ أنْ يمرَّض في بيت عائشة العبر وفاة البشرنَّ فَأَذِنَّ له، ففي البخاري (5714) عن عائشة العبر وفاة البشرا قالت: «لمَّا ثقل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واشتدَّ وجعه استأذَن أزواجه في أن يمرض في بيتي، فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين عبَّاس وآخر ... ».
ولم يزل يتعاهد الصَّلاة، ويخرج يصلِّي بالنَّاس وهو في تلك الحال، حفاظًا على صلاة الجماعة وبيانًا لعظم قدر الصَّلاة، بل كان يسأل عن صلاة النَّاس وهو يُغْشَى عليه، فكلَّما أفاق سأل هل صلَّى النَّاس؟ فعن عُبيد الله ابن عبد الله بن عتبة قال: «دخلت على عائشة فقلت ألا تحدِّثيني عن مرض رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قالت: بلى! ثقُل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك، قال: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ»، قالت: ففعلنا، فاغتسل فذهب لينوء فأُغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أصلَّى النَّاس؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! قال: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ»، قالت: فقعد فاغتسل، ثمَّ ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال: «أَصَلَّى النَّاسُ؟»، قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! قال:«ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ»، فقعد فاغتسل، ثمَّ ذهب لينوء فأُغمي عليه ثمَّ أفاق فقال: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! والنَّاس عكوفٌ في المسجد ينتظرون النَّبيَّ (عليه السَّلام) لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى أبي بكر بأن يُصلِّي بالنَّاس، فأتاه الرَّسولُ فقال: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يأمرك أن تصلِّيَ بالنَّاس، فقال أبو بكر - وكان رجلاً رقيقًا -: يا عمر! صلِّ بالنَّاس، فقال له عمر: أنت أحقُّ بذلك، فصلَّى أبو بكر تلك الأيَّام، ثمَّ إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجد من نفسه خِفَّةً، فخرج بين رَجُلَيْنِ أحدهما العبَّاس لصلاة الظُّهر، وأبو بكر يصلِّي بالنَّاس، فلمَّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخَّر، فَأَوْمَأَ إليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنْ لا يتأخَّر، قال: «أَجْلِسَانِي إلى جَنْبهِ»، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قال: فجعل أبو بكر يصلِّي وهو يأتمُّ بصلاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والنَّاس بصلاة أبي بكر، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قاعد ...»(7).
فسؤاله عن صلاة النَّاس أربع مرَّات بيْن إغماءٍ وإفاقةٍ دَلِيلٌ على عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاة، وأنَّها الصِّلةُ بين العبد وخالقه، فحريٌّ بالمسلم الاعتناء بها وتعظيم قدرها ومعرفة أحكامها وعدم التَّهاون بها.
وعن أنس بن مالك العبر وفاة البشر قال: «كانت عامَّة وصيَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين حضره الموت: الصَّلاة وما ملكت أيمانكم، حتَّى جعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُغرْغِر بها صدرُه، وما يكاد يُفيض بها لسانُه»(8).
ولم يزلْ صلَّى الله عليه وسلَّم في أيَّامه الأخيرة يوصي أمَّته بوصايا متعدِّدة فيها الخير والنَّفع، ومِنْ أهمِّ تلك الوصايا تحقيق التَّوحيد والابتعاد عن سبل الشِّرك والكفر، فعن جُنْدَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»(9).
وعن عائشة وعبد الله بن عبَّاس قالا: «لمَّا نزل برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم طفق يَطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشفَها عن وجهه، فقال وهو كذلك: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يحذِّر ما صنعوا»(10).
فابتدأ دعوته بالتَّوحيد، وختمها بالتَّوحيد؛ لعظم شأنه وخطورة أمره، ومَنْ نَظَرَ في واقع المسلمين اليوم عَلِمَ أنَّ الكثيرَ منهم ابتعدوا كلَّ البُعْدِ عن وصاياه، وادَّعوا محبَّته ونصرته، وهم أضيع النَّاس لسنَّته ووصيَّته.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثلاَثَةِ أَيَّامٍ يقول: «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عزَّ وجلَّ»(11).
إلى غير ذلك من وصاياه لأمَّته مِنَ الحرص على التَّوحيد وإفراده بالعبادة والابتعاد عن الشِّرك وذرائعه.
وكان من أشدِّ النَّاس تأثُّرًا بما حلَّ به صلَّى الله عليه وسلَّم من أوجاع وكروب: أقرب النَّاس إليه وألصقهم به، وهم أزواجه وبناته وخليفته من بعده، فعن أنس ابن مالك قال: «لمَّا وجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كُرَب الموت ما وجد، قالت فاطمة: واكَرْباه، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَا بُنَيَّة! إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ بأَبيكِ مَا لَيْسَ اللهُ بتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ القِيَامَةِ»(12).
فالموت لا بدَّ أن يذوقه كلُّ أحدٍ كائنًا مَنْ كان؛ قال تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾[الزمر:30]، وقول: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾[الأنبياء: 34]، وكلٌّ سَيُلاقِي ربَّه، ففريقٌ في الجنَّة وفريق في السَّعير، وكربة الموت لا ينجو منها أحد، فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحسَّ بتلك الكرب والسَّكرات، فعن عائشة العبر وفاة البشرا قالت: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يُدخل يدَه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ»(13)، وهذا كلُّه لتكميل أجره ورفع درجته عليه الصَّلاة والسَّلام.
فقُبض صلَّى الله عليه وسلَّم بعد ذاك البلاء في بيت عائشة وبين يديها، وكانت العبر وفاة البشرا تفتخر بذلك وتعدُّه من مناقبها ونِعَمِ الله عليها، قالت: «إنَّ مِنْ نِعَمِ الله عليَّ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم توفي في بيتي وفي يومي وبين سَحْري ونحري، وأنَّ الله جمع بين ريقي وريقه عند موته: دخل عليَّ عبد الرَّحمن وبيده السِّواك، وأنا مُسنِدة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنَّه يحبُّ السِّواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أَنْ نَعَمْ، فتناولته فاشتَدَّ عليه، وقلتُ: أُلَيِّنُه لك؟ فأشار برأسه أنْ نَعَمْ، فلَيَّنتُه فأمَرَّه، وبين يديه رَكوة أو عُلبة، فيها ماء، فجعل يُدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٌ»، ثمَّ نصب يدَه فجعل يقول: «فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى»، حتَّى قُبض ومالت يدُه»(14).
وبعد أن تأكَّد جميع الصحاب خبر وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم، وأرادوا دفنه صلَّى الله عليه وسلَّم اختلفوا العبر وفاة البشر في مكان دفنه، فجاء أبو بكر العبر وفاة البشر فقال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَا دُفِنَ نَبيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ»(15)، فكان ما قال صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يختلف هؤلاء الأخيار بعد سماعهم قول نبيِّهم صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذا كلُّه تأكيد لمنهجهم في القضايا والمسائل المختلف فيها، وأنَّ مردَّها إلى حكم الله ورسوله، لا إلى الأهواء والعصبية العمياء، امتثالاً لقول الله تعالى في كتابه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [النساء: 59].
هكذا كان توديع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّته، وقد نصح لهم وبلَّغهم رسالة ربِّه، وأرشدهم إلى توحيده وحسن عبادته، بل سلاَّهم بكلِّ مصابهم بتذكُّر مصابهم فيه؛ إذ هو أحبُّ إلى المؤمن من كلِّ محبوبٍ مخلوق، فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بمُصِيبَتِهِ بي عَنِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي»(16).
وكان الصَّحابة رضوان الله عليهم أشدَّ النَّاس تأثُّرًا بهذا المصاب الجَلَلِ، فهي أعظم مصيبة مرَّت عليهم، بل على الأمَّة الإسلاميَّة بأكملها، ولا يعرف عظمها وأثرها إلاًّ من أشرب قلبه حبَّ نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم وحبَّ شِرْعَتِهِ؛ لأنَّ بموته انقطع وحيُ السَّماء، فعن أَنَس بن مالك العبر وفاة البشر قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ العبر وفاة البشر بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لِعُمَرَ: «انْطَلِقْ بنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالاَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟! مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ الله خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا»(17).
هذه بعض العبر والدُّروس الَّتي يمكن الاستفادة منها مِنْ وفاة خير البريَّة، والعبرُ أكثرُ مِنْ ذلك، وآثار الوفاة أعظم وأوسع من أن تحويها هذه الوُرَيْقَاتُ وما تُرِكَ ولم يُسطَّر أكثر، لكنَّها ذكرى، والذِّكرى تنفع المؤمنين.

فضيلة الشيخ
د. رضا بوشامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) مسند أحمد (22402)، وانظر: «الصَّحيحة» (22402).
(2) رواه مسلم في «صحيحه» (1297).
(3) رواه مسلم (2407).
(4) «صحيح البخاري» (4437).
(5) «صحيح مسلم» (2288).
(6) رواه أحمد (25908)، وهو حسن.
(7) البخاري (687)، ومسلم (418).
(8) «مسند أحمد» (12193)، وانظر: «الإرواء» (2178).
(9) «صحيح مسلم» (532).
(10) البخاري (3454)، ومسلم (531).
(11) «صحيح مسلم» (2877).
(12) «المسند» (12434)، وحسَّنه الألباني في «الصَّحيحة» (1738).
(13) «صحيح البخاري» (4449).
(14) «صحيح البخاري» (4449).(15) «الموطَّأ» (620)، والحديث ثابت بمجموع الطُّرقِ، كما في «الإيماء إلى أطراف الموطَّأ» للدَّاني (3/ 133).
(16) «سنن ابن ماجه» (1599)، وفيه ضعف، وله شواهد كما في «الصَّحيحة» (1106).
(17) «صحيح مسلم» (2453).



كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





fuq hgufv lk ,thm odv hgfav










توقيع : عقيدتي نجاتي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ((اللَّهمَّ اْغفرْ لِواْلدَيَّ واْرْحمْهُماَ وَأسْكنْهُماَ الْفِرْدوْسَ اْلأَعْلَىْ)) نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور عقيدتي نجاتي   رد مع اقتباس
قديم 08-01-15, 08:54 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
ALSHAMIKH
اللقب:
مــشـــرف عـــام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية ALSHAMIKH


البيانات
التسجيل: Sep 2011
العضوية: 5543
العمر: 44
المشاركات: 2,657 [+]
بمعدل : 0.57 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 10
نقاط التقييم: 94
ALSHAMIKH سيصبح متميزا في وقت قريب

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
ALSHAMIKH غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عقيدتي نجاتي المنتدى : بـاب السيـرة النبـويـة
افتراضي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة










توقيع : ALSHAMIKH

يسرنا متابعتكم وتواصلكم عبر الحسابات التالية

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور ALSHAMIKH   رد مع اقتباس
قديم 05-02-15, 02:54 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
مهرة وصال
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية مهرة وصال


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 4025
المشاركات: 2,457 [+]
بمعدل : 0.52 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 19
نقاط التقييم: 251
مهرة وصال عطاءه مستمرمهرة وصال عطاءه مستمرمهرة وصال عطاءه مستمر

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
مهرة وصال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عقيدتي نجاتي المنتدى : بـاب السيـرة النبـويـة
افتراضي

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة










توقيع : مهرة وصال

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور مهرة وصال   رد مع اقتباس
قديم 17-03-15, 10:59 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
عزتي بديني
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Aug 2011
العضوية: 5178
المشاركات: 4,486 [+]
بمعدل : 0.96 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 26
نقاط التقييم: 510
عزتي بديني في إبداع مستمرعزتي بديني في إبداع مستمرعزتي بديني في إبداع مستمرعزتي بديني في إبداع مستمرعزتي بديني في إبداع مستمرعزتي بديني في إبداع مستمر

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
عزتي بديني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عقيدتي نجاتي المنتدى : بـاب السيـرة النبـويـة
افتراضي

اللهم صل وسلم عليه وآله وصحبه أجمعين
جزاكِ الله خيراً ورفع قدركِ










عرض البوم صور عزتي بديني   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 10:20 AM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant