كذلك في السلوك والتعبد هناك منهج وطريقة رسمها السلف حتى يتبيّن الحق من الباطل في مسائل السلوك،
ولما أتى ثلاثة نفر إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسألوا عن عبادته فأخبروا بها فكأنهم تقالّوها،
فقال: أحدهم أما أنا فأصلي ولا أنام. وقال: الآخر فلا أصوم ولا أفطر.
وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء. فأُخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فبين لهم الهدي والطريقة ومنهج التفكير في هذه الأمور هو منهج العمل
فقال «أما أنا فإني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
فالمنهج في العلم والمنهج في العمل مهم جدا لسلوك الصراط المستقيم،
وفائدة هذا المنهج أن المنهج يعصم من أن يكون للمرء المسلم في كل يوم طريقة وحكم على الأشياء،
فإذا كان المنهج مستقيما والتفكير صحيحا وفق الشرع ووفق الكتاب والسنة وهدي السلف وما نص عليه الأئمة من أهل العلم الذين شهدت الأمة لهم بالإمامة فإنه يُعصم المرء من الخطأ.
فإذا كان عرّف أهل العلم أصول الفقه وأصول الحديث وأصول التفسير والنحو وهكذا بأن مجمل هذه الأمور التي هي أمور المنهج والأصول أنها قواعد قوانين وضوابط تعصم من الخطأ في العلم.
فكذلك الأمور التي تقع في الأمة وما يحصل في الحياة اليومية كيف يتعامل المسلم مع هذا الواقع،
هذا في الحقيقة يحتاج إلى منهج وإلى طريقة، لذلك عنوان هذه المحاضرة أُختير بأن يكون:
منهج التفكير في الواقع
أو
كيف يفكر المسلم في الواقع
وهذه هي المعضلة اليوم، فنجد أن كثيرين من المسلمين لديهم نظر في الواقع؛
إما في الواقع السياسي،
أو في الواقع العلمي،
أو في الكلام على الدول،
أو في الكلام على العلماء
أو في الكلام على الدعوات أو الحركات الإسلامية
أو على الشباب أو على الكبار أو على المؤسسات الخيرية،
أو في الكلام على طريقة النجاة في الأمة،
وكيف تخرج الأمة من هذا المأزق الذي تعيشه،
وكيف وكيف وكيف في أشياء كثيرة.