بسم الله الرحمن الرحيم
... كما هو معلوم فإن هدي الأنبياء عليهم السلام وهدي الصحابة والخلفاء الراشدين ومن شابههم ومن سلك سبيلهم في العلم والعمل،
هذا الهدي يشتمل على العلم والعمل والعبادة، ويشتمل أيضا على طريقة التفكير في الأمور،
ولهذا حضّ الله جل وعلا في القرآن أهل الإيمان على التفكر والتدبر في الملكوت وفيما حولهم وفي النفس، واختتمت كثير من الآيات بأن فيها آية أو آيات لقوم يتفكرون، ولقوم يعقلون.
فالعقل والفكر مهم جدا،
بل إن حجج الله جل وعلا وإن بيّناته والآيات والبراهين التي أوتيها الأنبياء عليهم السلام
ما ثبتت إلا بما أَعمل به أهل العقول عقولهم؛ فعرفوا أنها آية وبرهان من الله جل وعلا،
كما قال أبو بكر الصديق رَضِيَ اللهُ عنْهُ حينما قيل له في إسراء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعراجه إلى السماء ثم رجوعه في ليلة فقيل: كيف تصدّق ذلك؟
قال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، يأتيه الوحي من السماء ونحن عنده.
وهذا لأجل صحة المنهج في التفكير والنظر في الأمور؛
لأنه إذا صح المنهج فإنّ الشبهات تولّي ولا تأتي.
وكما هو معلوم فإنه ما من شيء في الحياة اليوم إلا وله منهج به
تُعلم الطريقة الصحيحة في الوصول به إلى النتائج، سواءٌ أكان في المسائل العلمية أو المسائل العملية.
فنقول مثلا: منهج الاعتقاد كذا، المنهج في العقيدة؛ بما تثبت العقيدة، وكيف نعلمها،
وكيف نتلقى النصوص، وكيف نفهم ذلك.
المنهج في الفقه، جعل له العلماء أصول الفقه.
المنهج في الحديث، جعل العلماء له مصطلح الحديث.
المنهج في السيرة جعل له العلماء أصول السيرة.
في التاريخ جعلوا مصطلح التأريخ.
وفي اللغة العربية جعلوا النحو.
وفي البيان والمعاني جعلوا البلاغة.
وهكذا في التفسير جعلوا علوم القرآن. وهكذا في أمور كثيرة.