عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-11, 12:22 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
الشـــامـــــخ
اللقب:
المـديـــر العـــام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الشـــامـــــخ


البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 14
المشاركات: 10,341 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 1.95 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 10
نقاط التقييم: 949
الشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدع

الإتصالات
الحالة:
الشـــامـــــخ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشـــامـــــخ المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم
افتراضي

المطلب الثالث: وجوب التحاكم إلى الشرع.
لا جرم أن شريعة الله هي الشريعة التي يجب التحاكم إليها، سواء في الأمور العقدية أو الفقهية أو غيرها من المسائل.
وقد تعددت الآيات القرآنية التي تبين وجوب الحكم والتحاكم إلى شريعة الله، وجاءت بأساليب متنوعة ([30]) تقرر هذا المعنى, منها:
- استخدام القرآن أسلوب القسم مع نفى الإيمان عمن لم يحكّم النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
قال الله تعالى: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}([31]) .
وقد جاء في الصحيحين بيان سبب نزول هذه الآية، فعن عروة عن عبد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةا أَنَّهُ حدثه :
" أَنَّ رَجُلا من الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة في شِرَاجِ ([32]) الْحَرَّةِ التي يَسْقُونَ بها النَّخْلَ فقال الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عليه
فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فقال رسول اللَّهِ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لِلزُّبَيْرِ : اسق يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إلى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فقال:
أَنْ كان ابن عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رسول اللَّهِ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ثُمَّ قال: اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حتى يَرْجِعَ إلى الْجَدْرِ. فقال الزُّبَيْرُ : والله، إني لَأَحْسِبُ هذه الآيَةَ نَزَلَتْ في ذلك " ([33])
يقول ابن كثير في تفسير الآية: "يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة في جميع الأمور
فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا"([34]).
- كما استخدم أسلوب الحصر ؛ كما قال تعالى : { ِإنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ }([35]).
- وكذا استخدم أسلوب الإنكار والتوبيخ فقال تعالى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([36]) .
وغيرها من الآيات الدالة على وجوب التحاكم إلى شريعة الله عز وجل, كقوله تعالى :
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} ([37]) .
جاء في تفسير الطبري رحمه الله: " لم يكن لمؤمن بالله ورسوله ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا من أمرهم ..
ومن يعص الله ورسوله فيما [ أمرَ الله وأمر رسوله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أو نهى الله عز وجل ورسوله] ؛ فقد ضل ضلالاً مبيناً" ([38]) .
وإذا تقرر أن التحاكم إلى شريعة الله واجب, فهنا يبرز السؤال المهم : هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر؟ وما حكم من أطاع المبدِّلين لشرع الله ؟
وتأتي أهمية السؤال أن بعضاً من الجماعات تنطلق من هذا الحكم العام، وتحمّل مصطلح الحاكمية على أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر وجاهلية من دون تفصيل
مستدلين يالآيات القرآنية المتعلقة بإيجاب الحكم والتشريع الإلهي, ومنها :
قوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ([39]) .
وقوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ([40]) .
وقوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ([41]).
وغيرها من الآيات الدالة على وجوب التحاكم إلى شريعة الله عز وجل .
يقول صاحب ظلال القرآن عند معرض تفسيره لهذه الآيات : " والناس – في أي زمان وفي أي مكان- إما أنهم يحكمون بشريعة الله -دون فتنة عن بعض منها- ويقبلونها ويسلمون بها تسليماً
فهم إذن في دين الله، وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر – في أي صورة من الصور- ويقبلونها فهم إذن في جاهلية، وهم في دين من يحكمون بشريعته
وليسوا بحال في دين الله " ([42]) .
والحق ما ذهب إليه العلماء السابقون والمتأخرون أن في هذه المسألة تفصيلاً ([43]), ولذا فإن أكثر المفسرين للآيات لم يقولوا بكفر من لم يحكم بما أنزل الله على العموم ([44])
وإليك بعضاً من هذه الأقوال :
قال ابن عباس في تفسير الآيات السابقة : " كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق " ([45]) .
وقال عكرمة: " ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، فقد كفر، ومن أقر به، ولم يحكم به؛ فهو ظالم فاسق " ([46]) .
وعن طاووس في تفسير الآيات قوله : " ليس بكفر ينقل عن الملة " ([47]) وعليه فإن الآيات لا تدل على أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر على إطلاقه
بل المسألة فيها تفصيل، وصفوتها كما قال ابن أبي العز رحمه الله في شرح الطحاوية :
" إن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة ... وذلك بحسب حال الحاكم :
فإنه إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله ؛ فهذا كفر أكبر .
وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعَلِمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة؛ فهذا عاص ...
وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه؛ فهذا مخطئ، له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور " ([48]) .



ويُلحظ في كلام ابن أبي العز عرضه للحالات الآتية :
- ذكْره الجاحدَ لوجوب الحكم بما أنزل الله، وكذا الذي يرى أنه مختار فيه، أو المستهين بالحكم مع يقينه أنه من الله أنهم كفار كفر أكبر .
- قوله في مسألة الكفر الأصغر : في هذه الواقعة المعينة دون أن يجعل قانوناً عاماً يفرض على جميع الناس .
- المجتهد في مسألة الحكم مع بذل الوسع في معرفتها له أجر وإن أخطأ فيها .
ولتفصيل ما قاله ابن أبي العز في قوله " وعلمه في هذه الواقعة " أنقل كلاما نفيسا لابن تيمية حيث يقول رحمه الله : "إن الحاكم إذا كان ديِّنًا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار
وإن كان عالمًا لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار، وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص
وأما إذا حكم حكمًا عامًا في دين المسلمين، فجعل الحق باطلاً، والباطل حقًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، ونهى عما أمر الله به ورسوله،
وأمر بما نهى الله عنه ورسوله، فهذا لون آخر" ([49]) .

وزاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله توضيحاً إلى توضيح شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله بعد أن بيّن الحالة الأولى :
" الثاني : أن يستبدل بحكم الله – تعالى – حكماً مخالفاً له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانوناً يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات :
الأولى : أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله –تعالى- معتقداًَ أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد، أو أنه مساوٍ له، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فهذا كافر كفرا مخرجا عن الملة .
الثانية : أن يفعل ذلك عالماً بحكم الله معتقداً أنه أولى وأنفع لكن خالفه بقصد الإضرار بالمحكوم عليه أو نفع المحكوم له, فهذا ظالم وليس بكافر ..
الثالثة : أن يكون كذلك لكن خالفه لهوى في نفسه أو مصلحة تعود إليه فهذا فاسق وليس بكافر ... " ([50]) .
وأما الجواب عن الشق الثاني للسؤال فقد بين الشيخ محمد ابن عثيمين هذه المسألة بقوله : " اتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : أن يتابعهم في ذلك راضياً بقولهم مقدماً له، ساخطاً لحكم الله فهو كافر؛ لأنه كره ما أنزل الله، وكراهية ما أنزل الله كفر ...
القسم الثاني : أن يتابعهم في ذلك راضياً بحكم الله وعالماً بأنه أمثل وأصلح للعباد والبلاد، ولكن لهوى في نفسه تابعهم في ذلك فهذا لا يكفر ولكنه فاسق .
القسم الثالث : أن يتابعهم جاهلاً يظن أن ذلك حكم الله فينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أن يمكنه معرفة الحق بنفسه فهو مفرط أو مقصر، فهو آثم ...
القسم الثاني : أن يكون جاهلاً ولا يمكنه معرفة الحق بنفسه فيتابعهم بغرض التقليد، يظن أن هذا هو الحق فلا شيء عليه... " ([51]) .



المطلب الرابع: أسباب دعوى الحاكمية ودوافعها
عادة ما تظهر أي فرقة من الفرق أو فكرة من الأفكار المخالفة لمذهب السلف الصالح إلا ولها أسباب ودوافع وطيدة الصلة بالفكرة أو المذهب ؛ وذلك لارتباط الأسباب بمسبباتها .
ولدعوى الحاكمية أسباب ودوافع لنشوئها وظهورها، وإليك تفاصيل هذه الأسباب وما يتفرع عنها :

السبب الأول : الغلو .
إن الغلو الذي هو " المبالغة في الشيء، والتشديد فيه بتجاوز الحد " ([52]) من أهم أسباب نشأة كثير من الفرق الضالة والمناهج المنحرفة
ولهذا حذر النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة من الغلو، فقال : " وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ في الدِّينِ " ([53])
والمتتبع للمضامين المتعلقة بمسألة الحاكمية يجد أن غالبها مرتبط بمظاهر الغلو وتوضيح ذلك بالآتي:
1- الغلو في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، ونتج عن هذا الغلو :
أ- الغلو في مسألة تكفير المقيم غير المهاجر، وهذا الغلو نتج عن قضية التحزب على أساس الربط الأخوي والخروج إلى القرى والهجرة إليها .
ب- الخروج على الحكام، وهذا نتج بسبب الغلو في مسألة تكفير الحاكم من دون التعرف على تفاصيل المسألة .
ج- المطالبة بإقامة الدولة الإسلامية, وذلك بسبب غيابها، ووجود بعض الحكومات التي تعلن الحرب عن الإسلام .
وفي هذا المعنى يقول الشيخ بكر أبو زيد : " أما الفِرَق والأحزاب ( الجماعات) التي تنشأ في منهجها الدعوي على غير هذا الأساس؛ فما هي إلا رد فعل للحالة المتردية :
السياسية، أو الجماعية ... فإذا عايش سقوط ما يسمى بالخلافة الإسلامية ؛ أقام دعوته مؤسَّسةً على المطالبة بالحكم (توحيد الحاكمية )
وإذا عايش المؤسِّس تفكك ( الأقليات المسلمة ) أقام دعوته على أساس الربط الأخوي بالخروج إلى القرى والفلوات " ([54]) .
2- الغلو في مفهوم التقليد وذمه؛ حيث رأت بعض الجماعات أن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله، ولذلك يكفرون المقلد لأنه حكّم غير الله، واتبع غير رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ([55]).
3- الغلو في جانب الولاء و البراء، والتشدد في الدين والإفراط في الجانب العاطفي وعدم ضبط ذلك كله بميزان الشرع .
السبب الثاني : الجهل .
الجهل أصل كل انحراف وضلال وشر، فهو داء عضال إذا استشرى في المجتمع فإنه يضعفه, ويضله عن السبيل القويم . وإذا أمعنت النظر في مسألة الحاكمية
تجد أن للجهل أثراً واضحاً في نشوئها، ويمكن توضيح ذلك من خلال النقاط التالية :
- جهل المتبنين لفكرة الحاكمية بالنصوص الشرعية، فأخذوا بإصدار الأحكام المتعلقة بالحاكمية من خلال عموميات النصوص الشرعية دون التعمق في تفاصيلها
بما أدى بهم إلى التكفير المطلق لمن لم يحكم بما أنزل الله, وربطه بمسألة جاهلية المجتمع المسلم .
- جهلهم بأقوال العلماء وآثارهم، بل تجاوزا وزعموا " أن كتب الفقه لا تصلح لعصرنا، ثم ازدادوا ا نحرافاً فقالوا : إن الاحتكام إليها هو عبادة لأصنام أئمة الفقه
وحجبوا الشباب عن كتب الفقه بدعوى الاحتكام إلى القرآن والسنة "([56]) ولو أنهم نظروا إلى تفاصيل العلماء في مسألة الحاكمية وأخذوا بأقوالهم لما ذهبوا إلى القول بالتكفير .
- جهلهم بمقاصد الشريعة وغاياتها, حيث جعلوا مسألة الحكم غاية لإقامة التوحيد، وعليه جعلوا توحيد الحاكمية قسيما رابعا لأنواع التوحيد
والحق أن مسألة الحكم وسيلة لإقامة الدين , وليست هي الغاية.
- جهلهم بالمصطلحات الشرعية المتعلقة بمسائل الحاكمية ، كعدم التفريق بين الكفر المطلق والمقيد، والجاهلية العامة والجاهلية الخاصة وغيرها من المصطلحات.
- جهلهم بمآلات دعوى الحاكمية من المفاسد العظيمة؛ وذلك لعدم فقههم بالموازنة بين المصالح والمفاسد، وسد الذرائع

السبب الثالث : اتباع الهوى .
إن الهوى يُعمي ويُصم، وهو سبب منشأ الفرق المنحرفة, وعنوان التفرق والاختلاف، لأنه خروج عما أمر الله به عز وجل ونأي عن التزام أوامره .
ولذا حذر القرآن الكريم من الهوى فقال تعالى : {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} ([57])
أضف إلى ذلك فإن الهوى من الأسباب التي توقع المسلم في المعاصي والذنوب، قال تعالى : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}([58]) .
يقول ابن القيم رحمه الله : " فالعاصي دائما في أسر شيطانه وسجن شهواته وقيود هواه، فهو أسير مسجون مكبل، ولا أسيراً أسوأ حالاً من أسير أسَرَه أعدى عدو له
ولا سجن أضيق من سجن الهوى " ([59]) .
وارتباط الهوى بمسألة نشوء الحاكمية يكمن في الآتي :
- بتر الأقوال الواردة عن السلف والعلماء لأجل أن تخدم مذهبهم وآراءهم الفاسدة .
ومن المناسب إيراد المثال على ذلك في مسألة الحاكمية، ففي كتاب الطريق إلى الخلافة نقل صاحبه عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الحكم على من حكم بغير ما أنزل الله
وحذف كلام شيخ الإسلام وبتره, ليفهم منه التكفير المطلق في المسألة, في حين أن النص الكامل يفيد التفصيل في المسألة ([60]) .
- عدم الرجوع إلى العلماء الراسخين والربانيين في مسألة الحكم والحاكمية
والخوض في المسألة بهوى وتعصب، وهذا المسلك خطير وضرره جسيم؛ قال تعالى :
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } ([61]) .
- إعمال النصوص الشرعية التي تخدم مسألة الحاكمية
كقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([62]), وإهمال المحكمات من الآيات والأحاديث الشرعية التي توضح المتشابه في المسألة ([63]) .
- الطعن في صحة أدلة السلف والتشكيك فيها
كما فعل البعض في تشكيك تفسير ابن عباس نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لقوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ([64]) على أنه كفر دون كفر ([65]).

السبب الرابع : دافع سياسي :
مر الحديث عن نشأة مفهوم الحاكمية، وتبين من خلاله أن سقوط الدولة العثمانية وإلغاء الخلافة الإسلامية من الأسباب التي أدت إلى ظهور مفهوم الحاكمية بمصطلحها الفكري السياسي . ويمكن توضيح أثر هذا الدافع في ظهور دعوى الحاكمية من خلال العناصر الآتية :
* عدم وجود دولة إسلامية كبرى تنعقد لإمامها البيعة من جميع المسلمين ([66]) ؛ لهذا يرى بعض الجماعات الإسلامية لزوم إيجاد جماعة المسلمين باعتبارها تجمعات مرحلية في الطريق إلى القيادة الإسلامية الكبرى, ومن ثم اختيار أهل الحل والعقد
الذين بهم تجتمع الكلمة، وتتوحد صفوف الأمة الإسلامية، بحيث يقومون باختيار إمام واحد تجتمع به الصفوف ([67]) .
* أن بعض الجماعات الإسلامية -كالإخوان في مصر- انبثقت عهدها تحت احتلال المستعمرين كبريطانيا،
ومن خلال واقعها السياسي رأت أن مظاهر التدهور في مصر في كافة نواحيها -والتي منها الحاكمية- ترجع إلى تدبير الإنجليز، وأن سياستهم في ذلك تنبع من كره دفين للإسلام
فأسرفت في الترويج لمذاهب الشك والإلحاد, كل ذلك أسباب أدت إلى المطالبة بإقامة دولة إسلامية تحكّم الشريعة ([68]) .
* كذلك فإن من أسباب دعوى الحاكمية ما حصل لبعض المنتسبين للجماعات الإسلامية من الاعتقال، ومن ثم تعذيبهم واضطهادهم في السجون
وكذا التضييق عليهم وعدم قبولهم في الجامعات والمدارس أو في السلك العسكري, وإغلاق فرص الظهور والعمل أمامهم ...
وهذا الأمر سبّب ردة فعل من قبل الجماعات الإسلامية, وأخذت تنادي بالخروج عن الحكام ([69])
ومن هنا يمكن أن يقال إن واقع المسلمين في العصر الحاضر وما آل إليه من الضعف والذل والمهانة، بالإضافة إلى تحكيم بعض الدول الإسلامية بالقوانين الوضعية
من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى دعوى إقامة الحكومة الإسلامية من قبل الجماعات الإسلامية وتبني فكرة الخروج على الحكام .










توقيع : الشـــامـــــخ

يسرنا متابعتكم وتواصلكم عبر الحسابات التالية

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 10-03-20 الساعة 02:29 AM
عرض البوم صور الشـــامـــــخ   رد مع اقتباس