بعض عقائد الشيعة الشاذة وتبني الخميني لها
لقد ظهرت خلال التشيع آراء شاذة كثيرة ، ودخلت باسم التشيع عقائد زائفة كثيرة ، ولقد كان التشيع سبيلاً لمرور كثير من الأفكار الكافرة ، فانبثقت عنه فرق غالية ؛ كالإسماعيلية والنصيرية ، وهي فرق باطنية اجتمع على تكفيرها الشيعة الاثنى عشرية وأهل السنة والجماعة سواء بسواء .
ولكن الشيعة الاثنى عشرية – وإن كفَّروا هؤلاء – فإن لهم من العقائد الزائغة الكثير ، وهم مع تكفيرهم لهذه الفرق الغالية يمدون ايديهم لها ضد أهل السنة والجماعة ، فهذه الفرق وإن اختلفت عن الشيعة الاثنى عشرية في اصول وفروع ، فإن الشيعة الاثني عشرية يرون أن هذه الفرق – مع أنها تقول بألوهية الإنسان وغير ذلك من العقائد الزائغة – هي أقرب إليهم من أهل السنة والجماعة ، وهذا وحده دليل انحراف خطير .
وسوف لا نُفَصَّـل في وجوه هذا الانحراف كثيراً ، ونكتفي بذكر بعض العقائد الشاذة التي تبناها الشيعة الاثنى عشرية والتي تبناها الخميني وأعلن عنها .
قال تعالى : { اتذخوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم } ، والمعروف أن النصارى قد اتخذوا المسيح ربا ، وق فسَّر رسول الله
كيفية اتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله بأنهم أحلُّوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم . والشيعة غلو هذا الغلو فاسبغوا العصمة على أئمتهم ، فجعلوا القول بعصمة الإمام أصلاً من أصول مذهبهم كما أثبت ذلك الكليني في " الكافي " وابن بابويه القمي في " عقائد الشيعة الإمامية " والشيخ المفيد في كتابيه " أوائل المقالات " و " تصحيح عقائد الشيعة الإمامية " ، فإجماع أئمتهم من المتقدمين والمتأخرين يفيد أن الإمام معصوم عن الخطأ والسهو والإسهاء والنسيان عن قصد أو عن غير قصد ، وأن الإمامة أعلى مرتبة من النبوة [[1]] . وأن لهم حرية الاختيار في التحليل والتحريم ، فقد جاء في أصول " الكافي " لإمامهم الكليني القول بأن الله خلق جميع الأشياء فاشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون [[2]] . فهذا غلو من الشيعة في الائمة جعلهم يشركون الله سبحانه في القدرة على تدبير هذا الكون وتسخيره ، والله عز وجل يقول جعل لذاته التدبير فقال تعالى : { يُدبر الأمر } .
كما غلا بعض الشيعة فجعلوا الأئمة يشاركون الله في علم الغيب وفي علم كل شيء ، فقد أورد الكليني في " الكافي " باباً بعنوان : ( إن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء ) [[3]] ، وهذا كله نقيض قوله تعالى : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } ، ونحن لا ننكر أن يطلع الله عباده على شيء من غيبه كرامه له ، ولكننا ننكر أن يكون هذا هو الأصل في حق اي مخلوق . إن هذه الضلالات فتحت الباب على مصراعيه لكل مهووس ودجال أن يدعي مقاماً لبعض البشر يفوق مقام الأنبياء ، وأن ينسخ من شريعة الإسلام ما شاء كما أراد ، في حين أن عقيدة أهل الحق ؛ أن النبوة مرتبة مخصوصة واجتباء واصطفاء من الله تعالى لمن شاء واراد ، لقوله تعالى : { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } .
وجاء الخميني ليؤكد هذا الغلو ويعمقه ، وذلك جحود لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وهو كفر بواح ، فانظر إلى الخميني وهو يغلو في حق ائمته فيعطيهم العصمة والتدبير والعلم الإلهي ويرفعهم فوق مقام الأنبياء ، فيقول في كتابه " الحكومة الإسلامية " : ( إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه مَلَك مقرب ولا نبي مرسل ، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن رسول الله الأعظم
والائمة عليهم السلام كانوا قبل هذا العالم أنواراً فجعلهم الله بعرشه محدقين . . وقد ورد عنهم عليهم السلام : إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ) [[4]] . وقال في موضع آخر من كتابه هذا : ( إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلاً خاصاً ، وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر إلى يوم القيامة يجب تنفيذها واتباعها ) [[5]] و ( إنه لا يتصور فيهم – أي الأئمة – السهو والغفلة ) [[6]] .
[1] حياة القلوب للعلامة المجلسي : 3 / 10 . [2] أصول الكافي : ص 287 . وقد صحح الخمينين هذا الحديث في كشف الأسرار . [3] اصول الكافي : 160 ، ولمزيد من التفاصيل انظر كتاب " الباب الحادي عشر " وكتاب " كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد " لابن مطهر الشيعي . [4] الحكومة الإسلامية : ص 52 . طبعة القاهرة 1979 ، وطبعة طهران ، مكتبة برزك الإسلامية ، وراجع تفاصيل أخرى في كتاب العلامة أبي الحسن الندوي " صورتان متضادتان " ص 77 فما بعد . [5] الحكومة الإسلامية : 112 .