فـقـضـوا حتّى أذلّوا المشركين
و إذا نارٌ أضاءتْ سَحَراً .:. قالَ يا أسلَمُ قُمْ ماذا أرى
عَـلَّـهُم رَكْبٌ يريدون الـقِرى .:. فَـخَـرجنا و هو كالسهمِ انبرى
و دنوْنا مِنْ خِباءِ المُصْطَلينَ
فإذا بامراءةٍ قد نَصَبَتْ .:. قِدْرَها بينَ عِيالٍ أعْـوَلَت
ثمَّ حَـيَـيْـنا فردّتْ و استوت .:. قالَ هل أندنو ، فقالت إن أردت
فَـبِـخَـيْـرٍ أو دَع القلبَ الحزين
قال : ما بالُ العِيالِ تَصرُخُ .:. قالت : الجوع ، و إني أنفخُ
أوهمُ الـصِّـبْـيَـةَ أني أطبخُ .:. عَـلَّـهُم مِنْ بعدِ ذا أن يَفْرحوا
و يناموا حوْلَ قِدْري جـائعين
يا لِـنارٍ أظلمت في الأضلعِ .:. أحرقتْْ قلبي و أجرتْ مَدمعي
بيننا اللهُ و بينَ الأصلعِ .:. ها أنا مِنْ فرطِ جوعي لا أعي
بينَ نوْحٍ و صياحٍ و أنـيـن
قالَ : يا أماهُ مَنْ أدرى عمر .:. بكِ ، قالت : هذا أدهى و أَمَر
مَنْ تولَى أمْرَنا لا يَسْتَقِر .:. يَـنْـبَـري للـنـاسِ في قَـرٍّ و حَـر
يَـسْـمَـعُ الـشـاكي و يُـؤوي الـبـائـسـيـن
ويْلَ عَمْري كيفَ يرعى و ينام .:. ليسَ هذا مِنْ قوانينِ الأنام
مَـنْ سها عَنْ نوقِهِ جُنْحَ الظلام .:. يتولّى رَعْيَها راعي الحِمَـام
إنما هذا جزاءُ الـغـافـلـين
و لقدْ أصغى لها مِنْ غيرِ ضيق .:. و هو بالإصغاءِ للشكوى خَـلِـيق
و مضى بي ذلكَ الشيخُ الرَّفيق .:. يُسْرِعُ الخَطْوَ إلى دارِ الدقيق
و أتى منها بـدُهْـنٍ و طَـحـيـن
ثمَّ قالَ : احملْ عليَّ ، قلتُ : وَيْ .:. بلْ أنا أحملُ ، قال : احملْ عَلَيْ
قلتُ : عفواً ! ، قال : هل منكم فَـتِـي .:. يَـحْـمِـلُ الأوزارَ عنّي يـا أُخَـي
يومَ يُـؤتى بي لربِّ الـعـالمـين ؟!
و سرى الـفـاروقُ خوْفَ الـنِّـقْـمَـة .:. في الـدُّجى يَـحْـمِـلُ قوتَ الـصِّـبْـيَـة
و هو ممّنْ بُـشِّروا بالـجَـنَّـةِ .:. لا يرى في حملِهِ مِـنْ حِـطَّـةِ
بل قياماً بحقوقِ المسلمين
فَـمـضـى بي نحوَ الصـغـار .:. فـأتيْناهم و هم في الإنتظار
و لِـفَـرْطِ الجوعِ بينَ الجَـنْـبِ نار .:. في استعارٍ ما لهم منها من قرار
و رأوْنـا فاشرأبّوا قـائـمـين
قالت الأمُّ : اصبروا قد جاءنا .:. ذلكَ الشيخُ بما فيه المُـنَــا
و لقد يَـسَّـرَهُ اللهُ لنا .:. و الأميرُ غـافـلٌ عَـنْ حَـقِّـنـا
في كتابِ اللهِ بالـنَّـصْـرِ المُـبــين
فدنى منها برفقٍ و ابتسام .:. و دموعُ العينِ منها في انسجام
قال : قومي هَـيِّـئـي هذا الطعام .:. معـنا ، إن اليتامى لا تنام
إذ طوى ، و اللهُ خيرُ الرازقـين
رحمَ اللهُ أبا حفصٍ عمر .:. و سقى بُـقْـعَـتَـهُ صوبَ المطر
فلقد أبصرتُ أسلاكَ الـشَّـرَر .:. تَـلـفَـحُ اللّحيةَ منه بالـسَّـحَـر
و هو مُـهْـَـمٌ بإنضاج العجــين
قالت الأمُّ و قد رُمْـنا القيام .:. و تركْـنـا عندها فَـضْـلَ الـطـعام
: يا رعاكَ اللهُ يـا ساري الظلام .:. تَـحْـمِـلُ الأقواتَ للـغَـرثى الـصِّـيـام
أنت أولى مِـنْ أميرِ المؤمنــين
قال : أيْ يرحمُكِ اللهُ اعدِلي .:. و اذكري خيراً و لا تستعجلي
فإذا جِـئْـتِ الأميرَ فادخلي .:. تجديني قاعداً في المنزل
و عَـلَـيَّ الجِـدُّ فيما تطـلبــين
و تـنـحّـى عنهمُ مُـسْـتَـِـرا .:. رابطَ مَـرْبَـطَ أسادِ الشَّرى
و أنـا أطلبُ تعجيلُ السُّرى .:. فإذا هو مُـقْـبِـلٌ مُـسْـتَـبْـشرا
شـاكراً للهِ ربِّ الـعـالمـين
قال : يـا أَسْـلَـمُ قد أسهرهم .:. قارصُ الجوعِ بل اسْـتَـعْـبَـرَهُم
و لذا أحببتُ أن أبصرهم .:. في سرور ، و كذا غادَرهم
فلقد ناموا جميعاً باسمــين