(7)
41) المحبة نتيجة لماشرع الله فإن الله يحب من عباده أن يتقربوا إليه بماشرع بل لايصح منهم أن يعبدوه إلا بماشرع .
ولذلك من أصل دين الإسلام إن لايعبد الله إلا بماشرع
كما في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد )وقال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
42) من فقه المصنف أنه بين أن الأسماء الشرعية -التي ذكرها الله في كتابه - تذكر :
أ- تارة باسم الفاعل . ب- أو تارة بصيغة المصدر باعتبارها فعلاً .
ج- تارة باسم الفعل نفسه .
فإن هذه الأسماء كالعبادةوالتقوى والإيمان والإسلام والإحسان والقانتين والصادقين والمتصدقين - التي ذكرها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأوجهها المختلفة .
فإنها أسماء جامعة لمعنى الدين ويكون الخلاف بينها تنوع بهذا الاعتبار .
43)ومعنى أن الأسماء الشرعية جامعة باقتضاء المطابقة لبعض مقاماته
والتضمن لبعض مقاماته واللزوم لبعض مقاماته .
بل بعضها يكون مركباً من المطابقة المطلقة أو مركباً من دلالته من المطابقة والتضمن .
44) إذا دُخِل في الأسماء المفصلة على آحاد الأفعال صار شمولها باعتبار اللزوم على هذا التقدير وهذا من كمال هذه الأسماء الشرعية .
45) الأسماء الشريعة جامعة للدين إما بالمطابقة المطلقة كاسم الإيمان فإنه مطابق لكل ماشرع الله
فإن كل ماشرع الله كما هو مذهب السلف وجاءمتواتراً في الكتاب والسنة أن -الإيمان قول وعمل واعتقاد أو قول وعمل كما هي عبارة أكثر السلف أي
( قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح )
والإيمان جميع الأعمال الشرعية تسمى إيماناً
فلذلك دلالته على الشريعة دلالة مُطابِقَة
كل ماشرع فهو إيمان ويسمى آحاده إيماناً كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيح
( الإيمان بضع وسبعون شعبة ) فهي خصال الإيمان وشعب الإيمان فهذا من كمال الأسماء الشرعية .
46)الأسماء الشرعية هي الأسماء المحمودة أن يكون البيان والحق مبيناً بالأسماء الشرعية لها دلالاتها من حيث التشريع فكل اسم يتضمن دلالة إما دلالة عامة أو دلالة خاصة .
-الدلالات الخاصة إما تتضمن تارة أو تستلزم غيرها من المعاني- فصارت هذه الأسماء مقتضية للدين وجامعة له
وإن كان بعضها -من جهة البيان - أجمع من بعض باعتبار السياق تارة إو إطلاق الاسم في اللغة تارة أخرى من جهة الخصوص والعموم أو التقييد والإطلاق-
سواء كان التقييد بالألفاظ أو التقييد بالصفات- وهما نوعان مختلفان .
47)تتدبر هذه المعاني عند التحقيق وهي كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا ماجعل الله اسم العبادة واحداً
تارة تذكرباسم العبادة وتارة باسم الحمد
وتارة باسم القنوت وتارة باسم الإيمان
وتارة باسم الإسلام
وتارة بمفصل الأفعال كالطواف بالبيت ( وطهر بيتي للطائفين )
وتراة باسم الراكعين والساجدين كقوله( والركع السجود ) الى غير ذلك
ولهذا أمر الله بالإيمان (ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله...)
وأمر بمفصل الأفعال ( ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم )
والخطاب في هذا المقام -التفصيل أو مقام العموم والإجمال -كلاهما مماشرع الله به البيان للدين
فهذا هو أتم البيان وأصدق البيان .
ولهذا لإن الدين لم يأت بهذه الأسماء على سبيل التضاد أو الاختلاف .
وأما التضاد فبإجماع المسلمين فليست متضادة .
48)وأما الذي وقع فيه التوهم- في الأسماء الشرعية - أنها كما يقال في المنطق أنها من باب الخلافين -الأسماء الخلافيه -
وربما أجروا ذلك على تجريد اللغة تارة أو تجريد المنطق تارة أخرى .
-الأسماء الشرعية لاتؤخذ بتجريد اللغة ولايتجريد المنطق من باب أولى .
49) الدين يسمى ماكان حقاً وماكان باطلاً ( لكم دينكم ولي دين ) .
50) لما قال العلماء أن أصل العبادة ( الذل )
لاعلى سبيل قصر اقتضاء الأصل لهذا المدلول .
لإن العبادة جامعة للخضوع ومايقتضيه مقام الخوف ومايقتضيه مقام الرجاء ومايقتضيه مقام المحبة .
لهذا صارت الأوجه الثلاثة ( المحبة -الخوف -الرجاء ) من جوامع مقاصد العبودية
فتجد عامة الصفات العبادية ترجع إما إلى صفة المحبة
وإما ترجع إلى صفة الخوف
وإما ترجع إلى صفة الرجاء
فهذه الصفات الثلاث جامعة وعامة الصفات ترجع إليها وتقتضيها هذه الصفات الثلاث .
51) العبادة ليست الذل وحده لإن الذل الذي لايصاحبه محبة ولاعلم فليس من العبادة التي شرعها الله -ليست الذل المنفك عن محبة الله -
كذل الضعفاء لكبرائهم وذل العبد المملوك لسيده هذا ذل عبودية البشر .
العبد المسلم يعبد الله محبة ويعبده خوفاً ورجاء ومقام الذل لله داخل في هذه المقاصد ولكن الاسم الشرعي يكون باسم الإخبات تارة وتارة باسم الخشوع وتارة باسم القنوت وهذه الأسماء أزكى .
لإنه إذا كان خشوعا ً فيصاحبه العلم فأصدق الناس خشوعاً أصدقهم علماً ولهذا قال الله
( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)
لذلك جعل الله من أخص صفات المؤمنين الخشوع في الصلاة لإن الخشوع من أخص مايدل على تحقيق العلم الإلهي في نفس العبد وفقهه في الدين ومعرفته الصحيحة لربه سبحانه وتعالى .
الشريط الثاني