البرهان 242
من سورة الأنبياء
{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ
كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ
وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ *
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }
{ 104 - 105 }
يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها -
كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها،
فتنثر نجومها، ويكور شمسها وقمرها، وتزول عن أماكنها
{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ }
أي: إعادتنا للخلق، مثل ابتدائنا لخلقهم،
فكما ابتدأنا خلقهم، ولم يكونوا شيئا، كذلك نعيدهم بعد موتهم.
{ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }
ننفذ ما وعدنا، لكمال قدرته،
وأنه لا تمتنع منه الأشياء.
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ } وهو الكتاب المزبور،
والمراد: الكتب المنزلة، كالتوراة ونحوها
{ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } أي: كتبناه في الكتب المنزلة،
بعد ما كتبنا في الكتاب السابق، الذي هو اللوح المحفوظ،
وأم الكتاب الذي توافقه جميع التقادير المتأخرة عنه
والمكتوب في ذلك: { أَنَّ الْأَرْضَ } أي: أرض الجنة
{ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }
الذين قاموا بالمأمورات، واجتنبوا المنهيات،
فهم الذين يورثهم الله الجنات،
كقول أهل الجنة:
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ
وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ }
ويحتمل أن المراد:
الاستخلاف في الأرض،
وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض، ويوليهم عليها
كقوله تعالى:
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } الآية.