وأما العفو عن جنايات المسيئين بأقوالهم وأفعالهم:
فلا يتوهم منه الذل،
بل هذا عين العز،
فإن العـز هو الرفعة عند الله وعند خلقه،
مع القدرة على قهر الخصوم والأعداء.
ومعلوم ما يحصل للعافي
من الخير والثناء عند الخلق
وانقلاب العدو صديقاً،
وانقلاب الناس مع العافي،
ونصرتهم له بالقول والفعل على خصمه،
ومعاملة الله له من جنس عمله،
فإن من عفا عن عباد الله عفا الله عنه.
وكذلك المتواضع لله ولعباده يرفعه الله درجات؛
فإن الله ذكر الرفعة في قوله:
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }(1)
فمن أجلّ ثمرات العلم والإيمان:
التواضع؛
فإنه الانقياد الكامل للحق،
والخضوع لأمر الله ورسوله؛
امتثالاً للأمر، واجتناباً للنهي،
مع التواضع لعباد الله،
وخفض الجناح لهم،
ومراعاة الصغير والكبير،
والشريف والوضيع.
وضد ذلك التكبر؛
فهو غمط الحق، واحتقار الناس.
******************
(1) سورة المجادلة – آية 11 .