يَا سَائراً نَحْو الشَّرَاكِ ومَا دَرَى * كَمْ غَافِلا عِندَ المَمَاتِ لَهُ جَرَى
تَنْسَى الإلَهَ وَعْدَهُ وَوَعِيْدَهُ * تُرْضِي هَوَاكَ كَمْ يَقٌودُكَ لِلرَّدَى
النُّسوَةُ البِيضُ النَّوَاهِدُ صَدْرُهَا * مَالٌ حَرَامٌ فِي القُلُوبِ لًهُ سُرَى
مُكْرُ الثَّعَالِبِ فِي إهَابٍ نَاعٍمٍ * غِلُّ النُّـفُوسِ حَقَائِقٌ قَدْ لا تُرَى
ضُعْفُ اليَقِينِ سِلاحُهُ ورِكَابُهُ * مِنْكَ الصُّدُودُ ومُقْلَةٌ أَبَتِ الْكَرَى
والْبَسْ هَدَاكَ اللّهُ دَرْبَ هِدَايَةٍ * ثَوْبَ العَفَافِ وَصُنْ يَقِيْنَكَ مِنْ عِرَى
كُنْ صَادِقَا فِي السَّرِ أو فِي حَضْرةٍ * تَلْقَ المَهَابَةَ فِي الشٌّهُودِ وفِي السُّرَى
واجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِي مَسِيرِكِ وِجْهَةً * تَرْجُ السَّعَادَةَ إذْ تَمُوتُ فَتُقْبَرَ
نِعْمَ الإلهِ عَظِيمَةٌ أَفْضَالُهُ * كَيْفَ الذُّهُولُ عَنِ الشُّهُودِ فَتَكْفُرَ
خَلْقٌ قَوِيمٌ ثمَّ عَقْلٌ رَاشِدٌ * دِينُ حَنِيفٌ بِالرَّسُولِ تَبَخْتَرَ
عَينٌ تَرَى نِعَمَ الإِلَهِ بَدِيعَةً * فِي سَابِحِ أو سَائِرٍ فَوقَ الثَّرَى
ومُقَيَّدَا بِقَوَامِهِ لا يَرْتَقِي * ومُحَلِّقَا نَحوَ السَّماءِ مُرَفْرِفَا
شُمَّ الجِبَالِ مَهَابَةً فِي ظُلْمَةٍ * والنَّمَلَةَ السَّودَاءَ تَعْبَثُ بِالثَّرَى
يَا شَارِبَا لَبَنَا طَهُورَا سَائِغَا * مِنْ صَدْرِ أُمَّ كَمْ يَذُوبُ تَفَطُّرَا
أتُرَاكَ تَعْلَمُ سِرَّهُ وصَنِيعَهُ * أمْ هَلْ سَكَبْتَ القِطْرَ مِنْهُ تَحَدُّرَا
أمْ هَلْ ضَمِنْتَ بَقَاءَهُ فِي نَبْعِهِ * فَمَنَعْتَ منه الطَّعْمَ أنْ يَتَخَثـْرَ
فَشَرِبْتَ نَهْلا فِي نَهَارٍ قَائظٍ * وسُقِيْتَ عَذْبَا فِي اللَّيَالِي المُمْطِرَه
يَا جَاحِدا نِعَمِ الإلهِ تَغَافُلا * هَلاَّ عَزَمْتَ لأنْ تَقُومَ فَتَشْكُرَ
رَبٌ حَبَا كُلَّ الوُجُودِ بَقَاءَهُ * وإذَا قَضَى فَنِيَ الوُجُودُ تَنَاثُرَا
حَفِظَ الجَنِينَ فِي قَرَارٍ مُحْصَنٍ * وأمَدَّهُ سُبُلَ الحَيَاةِ وَمَا تُرَى
وكَسَا العِظَامَ بَعْدَ نَبْتٍ لَحْمَهَا * فَتَبَارَك الأحَدُ المُصَوِّرُ إِذْ بَرَى
وخَرَجْتَ مِنْ بَينِ الفُرَاثَةِ والدِّمَا * طِفْلا إلى رَحِمِ الوُجُودِ مُطَهْرَا
وَصَرَخْتَ مِنْ فَوتِ العِنَايَةِ بَاكِيَا * والنَّاسُ حَولَكَ يَضْحَكُونَ تَبَاشُرَا
فَاحْرِصْ لِنَفْسِكَ إنْ بَقِيتَ إِلى غَدٍ * دَومَاً تَكُونُ الضَاحِكَ المُسْتَبْشِرَ