ربنا سبحانه وتعالى قال: ( وأطيعوا الله ) ثم قال: ( وأطيعوا الرسول ). فهنا أثبت طاعتين ومطاعين. بمعنى أن الفعل الأول مضارع كما لا يخفى، والمضارع يتضمن مصدراً، فالمعنى: ( وأطيعوا الله تعالى طاعةً، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم طاعة ). ومعلوم أن الأصل إن تعاقب نكرتان أن ذلك يدل على تغايرهما. مثال ذلك قوله تعالى: ( إن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً ) أي مع العسر يسران، يسر بأجر الصبر، ويسر بالفرج. على كلٍّ، يكون المعنى هنا: ( وأطيعوا الله تعالى طاعةً، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم طاعةً أخرى ).فإذا ثبت هذا التغاير، قلنا: ما الطاعة التي لله، وما الطاعة المغايرة التي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فالجواب: أن طاعة الله هي طاعة ما بلغنا من كلامه، وهو القرآن، وأن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي طاعة ما بلغنا من كلامه كذلك، وهي السنة النبوية. لو كان مراد الله تعالى في هذه الآية الكريمة: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فيما يبلغكم من القرآن )، لو كان ذاك هو المعنى لكان اللازم فصاحةً وبلاغةً أن تضمر الطاعة الثانية، إذ هي عين الأولى.لم يجب ذلك؟ لأن الأفضل في كلام العرب قصر الكلام، ولا يؤتى بالتطويل إلا لفائدة زائدة. فكيف إن كان في التطويل إيهام بخلاف المقصود؟! لا شك يكون الإضمار آكد وآكد. ولازم الإضمار أن يقال: ( أطيعوا الله ورسوله ) فيكون الثابت طاعة واحدةً لمطاعين، فالطاعة واحدة للقرآن، ونطيع المتكلم به والمبلغ له. فلما كان في القرآن الكريم مثل هذا التعبير، وعدل الله تعالى عنه إلى الأمر بطاعتين، لزم أن يكون ذلك لحكمة، وهي إثبات طاعة مستقلة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. ويشهد لذلك أنه تعالى لما أمر بطاعة ولاة الأمور قال: ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فجعل طاعة الرسول متضمنة لطاعة ولاة الأمر، وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطاعتهم، ولم يجعل لهم طاعة مستقلة، لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن طاعتهم في المعصية. فالحمد لله رب العالمين . لو كان المراد هنا بطاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاعة ما جاء به من القرآن، لاستوى بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع غيره من آحاد البشر، بل لاستوى مع الكفرة والشياطين. كيف؟ معلوم أن طاعة كلام أي أحد يأمر بما في القرآن لازمة لا محيد عنها، فلو قال لك مثلاً: صم رمضان، للزم أنك تصومه، لا طاعة لذاته، لكن لموافقة القرآن. ومعلوم بالضرورة أن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مزية زائدة على غيره، فما هي هذه المزية إلا أن تكون طاعته في شيء زائد على ما في القرآن؟! وهذه هي السنة. والحمد لله رب العالمين. أن الله تعالى هنا علق طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كونه ( الرسول ). وبالتالي فله من الطاعة ما يكون للرسول على قومه. فنرى في القرآن الكريم كثيراً أن الله تعالى يلزم الكافرين طاعة رسلهم في أمور غير التي في كتبهم. وذلك أشهر من أن يذكر، لكن أمثل له بمثالين واضحين.الأول قوله تعالى: ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ). فهنا جعل الله تعالى وحيه إلى نبيه إبراهيم أمراً، مع كونه مناماً ليس في كتاب. وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يأمره الله ويأمر أمته بوحي ليس بقرآن. إذ ليس رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم ببدع من الرسل، قال تعالى: ( قل ما كنت بدعاً من الرسل ).الثاني قوله تعالى: ( ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى ). فهنا وحي من الله تعالى إلى موسى فيه تكليف له ولقومه بالإسراء، وليس هو من التوراة، إذ التوراة نزلت بعد هذا عندما لقي موسى ربه. وكذلك يجوز لنبينا ما يجوز لموسى عليهما الصلاة والسلام. والحمد لله رب العالمين. ووجه دلالة عموم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل زمن إلى قيام الساعة قوله تعالى قبل هذه الآية في نفس سياقها: ( يا أيها الذين آمنوا ). ووجه آخر أن قوله تعالى: ( وأطيعوا ) فيه ضمير الرفع المتصل، وهو مفيد للعموم.
الموضوع الأصلي: عشرة أدلة على حجية السنة النبوية || الكاتب: تــقــى || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد www.ansaaar.com كلمات البحث شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــدuavm H]gm ugn p[dm hgskm hgkf,dm
شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار
uavm H]gm ugn p[dm hgskm hgkf,dm
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)