حكاية حينما تندثر الهيبة)

في يوم ركبنا ذاك القطار ومنذ صعودنا إلى أن وصلنا
لم يقفون عن الضحك والمُزاح..الجميع إنتبه إليهم
وحينما وقف القطار عند المحطة التي نريد
رأيتهم وكان مظهرهم يبدوآ عليهم إنهم في مكانة علمية كبيرة..
ولكن الشخصية كانت مختلفة تماماً عن ذلك المظهر..
العبرة: الكثير يَظن أن بعض القيم والمبادئ تَخُص الفتاة وحدها
وهكذا تربى البعض إن الفتاة لايجب أن تَكثر من الضحك والمُزاح..
ولكن هذه من الأُسس الخاطئه فالشاب والفتاة والجميع بلا إستثناء
يجب أن يكون كل منهم ذو شخصية سامية ..
كم من المظاهر تُبهرنا وبمجرد التقرب منهم نجدهم على غير ما رسمنا عنهم في ألاذهان
قد يغلب المظهر أحياناً على المضمون فتخيب فراسة الرائي وتتحطم على أسوار المظهر والهندام والهيئة .وذلك ما حصل مع أبي حنيفة النعمان الأمام الأعظم الذي ملأ الأرض علماً وفتوى . ولكن خابت منه الفراسة لأجل المظهر رغم قوة فراسته ودقة ملاحظته وشدة ذكاءه التي لا تقارن مع أحد من معاصريه. كان العالم الجليل يجلس مع تلامذته في المسجد . وكان يمد رجليه بسبب آلام في الركبة قد أصابته . وقد كان قد استأذن طلابه أن يمد رجليه لأجل ذلك العذر . وبينما هو يعطي الدرس مادّاً قدميه الى الأمام. إذ جاء إلى المجلس رجل عليه أمارات الوقار والحشمة . فقد كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة ذو لحية كثة عظيمة فجلس بين تلامذة الإمام . فما كان من أبي حنيفة إلا أن عقص رجليه إلى الخلف ثم طواهما وتربع تربع الأديب الجليل أمام ذلك الشيخ الوقور وقد كان يعطي درساً عن دخول وقت صلاة الفجر. وكان التلامذة يكتبون ما يقوله الإمام وكان الشيخ الوقور أو ضيف الحلقة يراقبهم وينظر إليهم من طرف خفي. فقال لأبي حنيفة دون سابق استئذان: يا أبا حنيفة إني سائلك فأجبني. فشعر أبو حنيفة أنه أمام مسؤول رباني ذو علم واسع واطلاع عظيم فقال له : تفضل واسأل
فقال الرجل : أجبني أن كنت عالما يُتَّكل عليه في الفتوى ، متى يفطر الصائم ؟. ظن أبا حنيفة أن السؤال فيه مكيدة معينة أو نكتة عميقة لا يدركها علم أبي حنيفة . فأجابه على حذر: يفطر إذا غربت الشمس.
فقال الرجل بعد إجابة أبي حنيفة ووجهه ينطق بالجدِّ والحزم والعجلة وكأنه وجد على أبي حنيفة حجة بالغة وممسكاً محرجاً:
وإذا لم تغرب شمس ذلك اليوم يا أبا حنيفة فمتى يُفطر الصائم ؟!!!
وبعد أن تكشّف الأمر وظهر ما في الصدور وبان ما وراء اللباس الوقور قال أبو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً وقدكُتِبَتْ في طيات مجلدات السِّيَر بماء الذهب : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه.
فالضحك والمُزاح .. من الصفات التي تُذهب هيبة المرء
فقد قال عمر
: من كثر ضحكه قلت هيبته..
وكثرة الضحك تُميت القلب ..
وهيبةُ المرء تُصنع ~ بسنوات ~ ،، وتسقط بدقائق معدودات
جميل أن تكون وسامة المرء بهدوءه وصمته وإبتسامة تُنير الوجه ,,
اللهم إهدنا لأحسن الأخلاق لايهدي لأحسنها إلا أنت

أخت الشهيد