عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-12, 06:07 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
الصقار الحر
اللقب:
محاور مشارك
الرتبة


البيانات
التسجيل: May 2012
العضوية: 8073
المشاركات: 480 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 0.10 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 12
الصقار الحر على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
الصقار الحر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الصقار الحر المنتدى : بيت شبهات وردود
افتراضي

مبحث ثبوت المعوذتين في العرضة الأخيرة:

أولاً: قبل الخوض في تلك المسألة يَجب التنبيه إلى المراد بالعرضة الأخيرة، ولماذا الاهتمام بها؟


العرضة الأخيرة مأخوذة من الحديث المشهور في عرض جبريل القرآن على النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - في رمضان من كل عام.

روى البخاري في صحيحه في مَواضع، ومُسلم من طريق فراس، عن عامر عن مسروق؛ حدثتني عائشةُ أمُّ المؤمنين قالت: "إنا كنا أزواجَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عنده جَميعًا لَم تُغادر مِنَّا واحدة، فأقبلت فاطمة - عليها السلام - تَمشي، ولا والله، لا تَخفى مِشْيتها من مشيةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلما رآها، رَحَّب، وقال: ((مرحبًا بابنتي))، ثم أجلسها عن يَمينه أو عن شِماله، ثم سارَّها، فبكت بكاء شديدًا، فلما رأى حزنها، سارها الثانية، فإذا هي تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خَصَّكِ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سألتها: عَمَّ سارَّك؟ قالت: ما كنتُ لأفشي على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سِرَّه، فلما توفي، قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أمَّا الآن فنعم، فأخبرتني قالت: أمَّا حين سارَّني في الأمر الأول، فإنَّه أخبرني أنَّ جبريل كان يُعارضُه بالقرآن كلَّ سنة مرة، ((وإنه قد عارضني به العام مَرَّتين، ولا أرى الأجل إلاَّ قد اقترب، فاتَّقي اللهَ واصبري، فإني نعمَ السلفُ أنا لك))، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جَزَعي، سارَّني الثانية، قال: ((يا فاطمة، ألاَ تَرْضَيْنَ أنْ تَكوني سيدةَ نساء المؤمنين أو سيدةَ نساء هذه الأمة))، واللفظ للبخاري.

ولهذه العرضة الأخيرة - وكانت في رمضان - مَكانة خاصَّة؛ إذ إنَّها تضمنت السورَ، وترتيب الآيات فيها، وعزل المنسوخ من القراءة عن القرآن، وكذلك تضمنت الأحرف السبعة.

وقد ذهب غيرُ واحد أنَّها تضمنت ترتيبَ السور، كما هو مرتب الآن في المصحف العثماني.

ومن قيمة هذه العرضة أنها كانت الأساس في جَمْع المصاحف، والأساس الذي استقر إجماع الصحابة على قبول القراءة.

ينبغي أن نفهم أمرًا من هذه العرضة الأخيرة، وهو استقرارُ السور والآيات عليها وبعدها، بمعنى أنَّه ما نسخت هذه العرضة لا في حروفها، ولا في سورها، ولا في ترتيبها، وإن كان نزل قرآن بعدها، مثل آية البقرة التي هي آخر ما نزل من القرآن، نزلت قبل وفاة النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - ببضع ليالٍ، وآية المائدة: اليوم أكملت لكم... الآية، التي نزلت يوم عرفة يوم جمعة في حجة الوداع، ومن البدهي أن النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - ما استقبل رمضانَ بعد تلك الحجة.

وآية الربا وآية الكلالة، وهما نزلتا بعد حجة الوداع.

وهذا القرآن كان النبي - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - يقول في آياته: ضعوها في سورة كذا بين كذا وكذا.

وعلى أساس الترتيب للآيات والسور في هذه العرضة، كان الجمعان اللَّذان قام بهما الراشدان أبو بكر وعثمان، كما اعتمدا حروفَ القراءة فيهما عند كتابة المصحف، وصار ما سبق هذه العرضة مَنسوخًا من القرآن الكريم.

وقد جاء خَبَرُ هذه العرضة من حديث أبي هريرة وابن عباس وغيرهما.

وقد كانت قراءة ابن مسعود هي القراءة الأخيرة، وقد حضر العرضة الأخيرة، وعلم ما بدل وما نسخ، وكانت قراءته سواء مع قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهي مساوية لقراءة زيد بن ثابت، كما سنثبته في مبحثنا هذا.

العرضة الأخيرة شرط قبول القراءة بإجماع الصحابة:
أدلة ذلك حديثُ جمع المصحف على عهد أبي بكر الصديق - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -:
بَوَّب البخاري بابًا في كتابِ فضائل القرآن؛ قال: "باب جمع القرآن؛ حدثنا موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق أنَّ زَيْدَ بن ثابت - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - قال: أرسل إلَيَّ أبو بكر مَقْتَلَ أهلِ اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -: إنَّ عُمَرَ أتاني، فقال: إنَّ القتل قد استَحَرَّ يومَ اليمامة بقُرَّاء القرآن، وإنِّي أخشى أن يستحر القتلُ بالقراء بالمواطن، فيَذهب كثيرٌ من القرآن، وإنِّي أرى أن تأمُر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال عمر: هذا والله خَيْر، فلم يَزَلْ عمر يُراجعني، حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.

قال زيد: قال أبو بكر: إنَّك رجل شابٌّ عاقل لا نتَّهمك، وقد كنت تكتب الوحيَ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتتبع القرآنَ فاجمعه، فوالله، لو كلفوني نَقْلَ جبلٍ من الجبال ما كان أثقلَ عَلَيَّ مِمَّا أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلون شيئًا لَم يفعله رسولُ الله؟ قال: هو والله خير، فلم يَزَلْ أبو بكر يُراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةا - فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُبِ واللِّخَاف وصُدور الرجال، حتى وجدت آخرَ سورةِ التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128].

حتى خاتمة براءة فكانت الصُّحف عند أبي بكر، حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة".

ويُمكن تلخيص منهج الجمع فيما يلي:
1- أن يأتي كلُّ مَن تلَقَّى شيئًا منَ القرآن من رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - به إلى زيد بن ثابت ومن معه.

ويدُلُّ لذلك ما رواه ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب أنَّ عمر بن الخطاب قام في الناس، فقال: مَن كان تلقى مِن رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - شيئًا من القرآن، فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصُّحف والألواح والعُسُب، وكان لا يقبل من أحد شيئًا حتى يشهد شهيدان.

2- ألا يُقبل من أحدٍ شيءٌ حتى يشهد عليه شهيدان؛ أي: إنَّه لَم يكن يكتفي بِمجرد وجدان الشيء مَكتوبًا حتى يشهد عليه شهيدان.

ويدل على ذلك أثرُ عمر السابق، وكذلك قول أبي بكرٍ لعمر بن الخطاب، ولزيد بن ثابت: اقعدَا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله، فاكتباه.

وقد اختلف في المراد بالشهادة هنا:
فقال السخاوي: المراد أنَّهما يشهدان على أنَّ ذلك المكتوب كُتِب بين يدي رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو المراد أنَّهما يشهدان على أنَّ ذلك من الوجوه التي نزل بِها القرآن.

وقال ابن حجر: وكأنَّ الْمراد بالشاهدين الحفظ والكتاب، ثم ذكر احتمال الوجهين الأولين.

قال السيوطي: أو المراد أنَّهما يشهدان على أنَّ ذلك مِمَّا عُرض على النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عامَ وفاته.

والذي يظهر - والله أعلم - أنَّ المرادَ الشهادة على كتابته بين يدي النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنه مِمَّا عُرض على جبريل في العام الذي توفي فيه رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ القرآن كان مَحفوظًا في صدور كثير من الصَّحابة - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - فلو أرادوا الإشهاد على حفظه، لوجدوا العشرات.

3- أن يكتب ما يؤتى به في الصُّحف:
ويدلُّ عليه قولُ زيدٍ في حديث جمع القرآن السابق: وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.

وما في موطَّأ ابن وهب عن ابن عمر قال: جمع أبو بكر القرآن في قراطيس.

وفي مغازي موسى بن عقبة عن الزهري، قال: لَمَّا أصيب المسلمون باليمامة، فزع أبو بكر، وخاف أن يذهبَ من القرآن طائفة، فأقبل الناسُ بما كان معهم وعندهم، حتى جُمِع على عهد أبي بكر في الورق، فكان أبو بكر أولَ من جمع القرآن في الصحف.

4- ألا يُقبل مِمَّا يُؤتى به إلا ما تَحققت فيه الشروط الآتية:
أ- أن يكون مكتوبًا بين يدي النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا من مُجرد الحفظ، مع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند هذا الشرط.

قال أبو شامة: وكان غرضُهم ألا يُكتب إلاَّ من عين ما كُتب بين يدي النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا من مجرد الحفظ.

ب- أن يكون مما ثبت عرضُه على النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عام وفاته؛ أي: في العرضة الأخيرة.

وذلك أنَّ ما لَم يثبت عرضه في العرضة الأخيرة، لم تثبت قرآنِيَّتُه، وقد مرَّ قريبًا احتمال كون الإشهاد على أنَّ المكتوب كان مِمَّا عرض في العرضة الأخيرة.

وعن محمد بن سيرين عن كَثِير بن أفلَحَ قال: لَمَّا أراد عُثمانُ أن يكتب المصاحف، جمع له اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فيهم أُبَيُّ بن كعبٍ وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الرَّبعَةِ التي في بيت عُمَرَ، فجِيء بِها، قال: وكان عثمانُ يتعاهدهم، فكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخَّروه، قال محمد: فقلت لكَثِيرٍ - وكان فيهم فيمن يكتب -: هل تدرون لِمَ كانوا يُؤَخِّرونه؟ قال: لا، قال محمد: فظننت أنَّهم إنَّما كانوا يُؤَخِّرونه؛ لينظروا أحدثهم عَهْدًا بالعرضة الأخيرة، فيكتبونَها على قوله.

5- أن تكتب الآيات في سُورها على الترتيب والضبط اللَّذَيْنِ تلقاهما المسلمون عن النَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقد التُزم في هذا الجمع كلُّ الضوابط السابقة بدِقَّة صارمة، حتى إنَّه رُوي أَنَّ عمر بن الخطاب أتى بآية الرجم، فلم تُقْبل منه؛ لأنه كان وَحْده.

فقد أخرج ابنُ أشتة في كتابِ المصاحف عن الليث بن سعد، قال: أوَّل من جمع القرآن أبو بكر، وكتبه زيدٌ، وكان الناس يأتون زيدَ بن ثابت، فكان لا يكتب آيةً إلا بشاهدي عَدْل، وإنَّ آخر سورة براءة لم توجد إلاَّ مع خزيْمة بن ثابت، فقال: اكتبوها، فإنَّ رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - جعل شهادَتَه بشهادة رجلين، فكتب، وإنَّ عُمَر أتى بآية الرجم، فلم يكتبها؛ لأنَّه كان وَحْدَه.

مزايا هذا الجمع:
كان لِجمع القرآن في عهد أبي بكر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - منزلةٌ عظيمة بين المسلمين، فلم يَحصل خلاف على شيء مِمَّا فيه، وامتاز بِمزايا عديدة، منها:
أنه جمع القرآنَ على أدقِّ وجوه البحث والتحرِّي، وأسلم أصول التثبت العلمي، كما مرَّ بنا في منهج أبي بكر في جمع القرآن.

حصول إجماع الأُمَّة على قَبوله، ورضا جميع المسلمين به.

بلوغُ ما جُمِع في هذا الجمع حَدَّ التواتر؛ إذ حضره وشهد عليه ما يزيد على عدد التواتُر من الصَّحابة - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة.

أنَّه اقتصر في جمع القرآن على ما ثبت قرآنيته من الأحرف السبعة، بثبوت عرضه في العرضة الأخيرة، فكان شاملاً لما بَقِيَ من الأحرف السبعة، ولم يكن فيه شيءٌ مِمَّا نُسِخَت تلاوته.

أنَّه كان مرتبَ الآيات دون السور.

ولقد حَظِيَ هذا الجمع المبارك برضا المسلمين، وحصل عليه إجماعُ الصَّحابة - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - ولقي منهم العناية الفائقة.

فقد حفظت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - حتى وفاته، ثم انتقلت إلى عمر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - حتى تُوُفِّي، ثم كانت بعد ذلك عند ابنته حفصة زوج رَسُول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فطلبها منها عثمان بن عفان - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - فنسخ منها المصاحف إلى الأمصار، ثُمَّ أرجعها إليها، فكانت الصُّحف المجموعة في عهد أبي بكر - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - هي الأساس لنسخ المصاحف في زَمن عثمان - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - وهذا مِمَّا يدلُّ على مكانة هذا الجمع عند الصحابة - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة.

قال زيد بن ثابت - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -: وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.

وعن علِيٍّ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - قال: رحمةُ اللهِ على أبي بكرٍ؛ كانَ أعظمَ الناسِ أجرًا في جمع المصاحفِ، وهو أوَّل من جمع بين اللَّوْحَيْنِ.

وعلى هذا، فقد ثبت إدراجُ المعوذتين في مصحف أبي بكر، وحصل لهما الإجماع بالقَبول والتلقي، كما حصل لسائر المصحف.

وفيه أيضًا إقرارُ ابنِ مسعود إذ كان حاضِرًا هذا الجمع، ولم ينكر شيئًا مما جمع وكتب.

قال الشافعي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/550): "هما (أي: المعوذتان) مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر، ثُمَّ كان عند عمر، ثُم عند حفصة، ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله، وأنا أحبُّ أن أقرأَ بهما في صلاتي".

يتبع










عرض البوم صور الصقار الحر   رد مع اقتباس