عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-12, 01:35 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
حسين
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Sep 2011
العضوية: 5474
المشاركات: 99 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سنّي
بمعدل : 0.02 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 14
نقاط التقييم: 33
حسين على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
حسين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حسين المنتدى : بيت شبهات وردود
افتراضي

تحقيق الروايات السابقة :
كانت تلك الروايات هي أشهر الروايات التي ذكرتها المصنفات التاريخية و الحديثية عن موقف علي بن أبي طالب من بيعة أبي بكر الصديق ،و هي التي سأُخضعها للنقد –إسنادا و متنا- لنميز صحيحها من سقيمها .
فالمجموعة الأولى – التي ذكرت أن عليا رفض البيعة- أول رواياتها ذكرها المؤرخ اليعقوبي بلا إسناد[1]، و هذا يعني أنها فقدت شرطا أساسيا من شروط تحقيق الخبر في علم الجرح و التعديل ، مما يُدخلها مباشرة في دائرة الضعيف أو الموضوع-أي المكذوب[2]- . و أما متنها فهو أيضا لا يصح لأنه يخالف ما ثبت في القرآن الكريم و السنة النبوية و التاريخ الصحيح أن الرسول –عليه الصلاة و السلام –لم يوص لأحد من بعده بالخلافة ، و إنما هي شورى بين المسلمين تتم بالاختيار الحر[3] .
و الثانية هي أيضا رواها اليعقوبي دون إسناد ، لذا فهي تدخل مباشرة في دائرة الضعيف أو الموضوع ، لأنه قطع الطريق أمامنا من إمكانية نقدها بواسطة الإسناد ، و أصبحت مجرد دعوى عارية عن الدليل ، و الدعوى لا يعجز عنها أحد . و أما متنها ففيه وصف لأبي بكر و عمر بالتآمر و الحرص على الخلافة ، و هذا غير صحيح لأنه يتنافى تماما مع الثابت من أخلاقهما الحسنة ،و قد صحّ الخبر أن الصحابة بايعوا أبا بكر و رضوا به ، دون إكراه و بلا طلب منه[4] .
و الرواية الثالثة-من المجموعة الأولى- رواها المؤرخ المسعودي بلا إسناد[5] ، فهي إذا ضعيفة من حيث السند ؛ و أما متنها فإن كان المقصود من قولها أن عليا قال : (( لم ترع لنا حقا )) ، أنه أراد أن الخلافة حق له و أخذها منه أبو بكر ، فهو زعم باطل ترده النصوص الصحيحة الكثيرة التي تُثبت أن الخلافة شورى بين المسلمين ،و أن الرسول-عليه الصلاة و السلام – لم يوص لأحد من بعده بالخلافة[6] . و إما إن كان المقصود من ذلك أن له حق المشاورة ، في اختيار الخليفة و لم يُدع إليه ، فهو كلام صحيح ، لكن غيابه لم يكن مقصودا ، فعندما بويع أبو بكر في السقيفة كثير من الصحابة لم يكن حاضرا ، منهم علي و الزبير ، فبايعوه في البيعة العامة في المسجد[7] .

و أما الرواية الرابعة فإسنادها لا يصح ، لأن من رجاله : أبو عون بن عمرو بن تميم الأنصاري ،و عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري[8] ، الأول مجهول ،و الثاني ضعيف[9] . و أما متنها فهو لا يصح أيضا ، لأنه سبق و أن ذكرنا أن عليا لم يدع الخلافة لنفسه و لا لأهل البيت[10] ،و أن رسول الله عليه الصلاة و السلام لم يستخلف أحدا من بعده .و أما قولها أن الخلافة في قريش ، فهو أمر مقرون بما ذكرته الأحاديث الصحيحة من أن الخلافة في قريش مقرونة بإقامة الدين و العدل و عدم العصيان[11] ؛ فهي ليست فيهم من باب التأبيد ، فإذا فقدت قريش أولويتها و أهليتها و كفاءتها ،و لم تلتزم بتلك الشروط انتقلت منها الخلافة إلى غيرها من القبائل و الشعوب الإسلامية ، و كلنا نعلم أن الخلافة خرجت من بني العباس و انتقلت إلي العثمانيين الأتراك .
و الرواية الخامسة هي أيضا إسنادها لا يصح ، لأن رجاله هم أنفسهم رجال الرواية السابقة- أي الرابعة- و أما متنها فهو أيضا غير صحيح للمعطيات الآتية :
أولها هو أنني بحثتُ في عشرات المصادر من كتب التراجم و الرجال و التواريخ عن مولى لأبي بكر اسمه : قنفذ أو قنفد ، فلم أعثر له على أي ذكر . كما أنه من المستبعد جدا أن يبعث أبو بكر مولى له ليتوسط بينه و بين علي في أمر غاية في الأهمية ،و يترك كبار الصحابة الذين لهم مكانة لدي علي .
و المعطى الثاني هو أن الرواية زعمت أن عليا أبى الخروج من بيته حتى يجمع القرآن ،و هذا زعم لا مبرر له ، لأن القرآن الكريم لم يتهدده أي خطر و لم يكن في بيت علي ، لأنه كان محفوظا في الصدور ،و مكتوبا متفرقا عند كبار كُتاب الوحي زمن رسول الله –عليه الصلاة و السلام- ثم جمعه أبو بكر الصديق ،و وحد مصحفه عثمان بن عفان –نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-[12] .
و المعطى الثالث هو أن مقتضى هذه الرواية-أي الخامسة- أن عليا كان معاديا و مخاصما و مفارقا لأبي بكر ، و هذا زعم غير صحيح ، لأنه من الثابت تاريخيا أن عليا لم يكن مفارقا و لا معتزلا لأبي بكر بُعيد توليه الخلافة ، بل كان مصاحبا له و في خدمته[13] . و المعطى الرابع هو أن الرواية زعمت أن فاطمة استغاثت بالرسول –عليه الصلاة و السلام- ،و هذا تصرّف لا يصدر عنها ، لأنه لا يجوز شرعا الاستغاثة بالنبي و لا بغيره من الناس ، في حياتهم و مماتهم ،و لا تكون الاستغاثة إلا بالله تعالى[14].
و آخرها –أي المعطيات- هو أن التصرفات و السلوكيات المشينة التي نسبتها الرواية لأبي بكر و عمر و فاطمة و علي-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- تتنافى مع أخلاق الصحابة عامة ،و مع أخلاق هؤلاء الأربعة خاصة .و لا يُعقل أيضا أن يحدث ذلك النزاع المزعوم المصحوب بصراخ فاطمة و صياح علي و بكائه ،و تهديدات عمر بالحرق ، و المسلمون و بنو هاشم و بنو عبد مناف يتفرّجون دون حراك لنصرة علي و زوجته من ظلم أبي بكر و عمر المزعوم !! .

-----------------------------------------------------

[1] انظر : تاريخ اليعقوبي ، ج2 ص: 124 .

[2] انظر : محمود الطحان : تيسير مصطلح الحديث ، الجزائر ، دار رحاب د ت ، ص: 33 .

[3] انظر : قوله تعالى (( و أمرهم شورى بينهم )) ،و (( أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم )) ، فأولي الأمر من المسلمين مطلقا دون تخصيص .و أنظر أيضا : ابن كثير : البداية ، ج 5 ص: 263 . و البخاري : المصدر السابق ، ج 1 ص: 53، 1110، 1157 .و السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص: 6 ، 7 .

[4] انظر : ابن حبان : صحيح ابن حبان ، حققه شعيب الأرناؤوط ، بيروت مؤسسة الرسالة ، ج 2 ص: 145 و ما بعدهما . و البخاري : الصحيح ، كتاب الحدود ، باب : رجم الحبلى في الزنا .و أحمد بن حنبل : المسند ، مصر مؤسسة قرطبة ، د ت مسند العشرة المبشرين بالجنة .

[5] انظر : مروج الذهب ، ج2 ص: 355 .

[6] سبقت الإشارة إلى بعضها ، و أنظر أيضا : عبد الله بن أحمد بن حنبل : السنة ، ص: 216 و ما بعدها . و ابن كثير : البداية ، ج 5 ص: 264 . أحمد بن حنبل : المصدر السابق ، ج 1 ص: 114

[7] انظر : ابن حبان : المصدر السابق ، ج2 ص: 145 .و البخاري : المصدر السابق ، كتاب الحدود ، باب رجم الحبلى في الزنا.

[8] انظر : الإمامة و السياسة ، ج1 ص: 8 ، 17 .

[9] انظر : ابن أبي حاتم : الجرح و التعديل ، ج6 ص: 252 . و العقيلي : الضعفاء ، ط1 بيروت، مؤسسة الرسالة 1404ج 2 ص: 273 .و الذهبي : المغني في الضعفاء ،حققه نور الدين عتر ،د م، د ن، دت ج1 ص: 345 .

[10] سنذكر روايات أخرى عن ذلك قريبا .

[11] انظر: الضياء المقدسي : الأحاديث المختارة ، مكة المكرمة، مكتبة النهضة الحديثة، 1410ج 4 ص: 403-405 ، ج6 ص: 143-144 .و الهيثمي : مجمع الزوائد ، القاهرة، دار الريان للتراث ، 1407 ج 5 ص: 192 .

[12] انظر : البخاري : الصحيح ، كتاب التفسير ، باب (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم )) ،و كتاب فضائل القرآن ، باب جمع القرآن .

[13] سنفصل ذلك قريبا .

[14] ابن تيمية : قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة ، الجزائر ، دار الشهاب ص: 199 و ما بعدها .










عرض البوم صور حسين   رد مع اقتباس