26- يزعم الحوثي في بعض ملازمه أن القرآن الكريم لا يفهمه إلا الأعلام من أهل البيت ([1]). والقرآن هنا ينص على أن الأمة بحاجة إلى القرآن وبحاجة إلى عَلَم يتجسد فيه القرآن هو امتداد للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ووارث للرسول صلوات الله عليه وعلى آله في كل عصر من العصور، أليس يعني هذا: بأن الأمة ستكون أحوج ما تكون إلى أعلام للهدى تلتف حولهم؟. هم يجسدون القرآن ويهدون بالقرآن، ويرشدون الأمة بالقرآن، ويعملون على تطبيق القرآن في أوساط الأمة. أم أن الله سبحانه وتعالى لم يهتم بالأمة هذه؟!. فكتاب ورسول هو سيد الرسل لمجموعة من البشر في زمن محدود ثم يقول هذا الدين هو كله للعالمين، وهو يهددنا ويحذرنا من أهل الكتاب وهم [بدو] مقابل أهل الكتاب الرهيبين الشديدين في مكرهم الذين يمتلكون إمكانيات هائلة، ثم لا يضع حلاً للمسألة!!. الحل هو نفس الحل: لا بد للأمة من أعلام تلتف حولها، هم أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله). {وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية101) هذه آيات الله قائمة فينا، لكن عندما فُقدت الأعلام ألم يضع الكتاب نفسه؟. - ضيعناه نحن ولم يضع هو -، ألم تضيع الأمة الكتاب عندما أضاعت الأعلام؟. أم أنه ليس هناك إشكالية؟. هذه نقطة مهمة. أن من قوله {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} بعد قوله {وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية101) إذا قلنا وأنتم تتلى عليكم آيات الله، [حسبنا كتاب الله]، ألم يقلها عمر؟. لكن كتاب الله تحتاج الأمة إلى من يجسده - تحتاج الأمة ولا يصح أن نقول: يحتاج، يحتاج.. هذه عبارة ليست مؤدبة - ولكن نقول الأمة تحتاج إلى من يهديها به، تحتاج إلى من يجسد قيمه، تحتاج إلى من يفهم آياته فيرشدها بهديه وإرشاده، الأمة تحتاج إلى هذا. 27- الطعن في الصحابة عموما والخلفاء الثلاثة على وجه الخصوص ([2]). هكذا يجب أيها الأخوة أن نتذكر المأساة بفقد الإمام علي (صلوات الله عليه) على هذه الأمة، الشقاء الذي جلبه غيابه في تلك اللحظة والفترة التاريخية الحرجة ما جلبه من شقاء على هذه الأمة. ونفكر أيضاً فيما جلبه مَن أقصوا الإمام عليا والقرآن الذي جاهد من أجله الإمام علي، والقرآن الذي قُرن به الإمام علي ما جلبوه من وبال وشقاء وفساد على هذه الأمة. 28- يقول حسين الحوثي معرضا بأبي بكر وأنه ليس في المستوى المطلوب من الخيرية ([3]). لو كان أبو بكر بالشكل الذي يمكن أن يكون أهلاً لأن يكون علماً لكانت تلك الأحاديث التي تأتي تدفعها هي له لكان هو الذي سيرفع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يده يوم الغدير ويقول: ((من كنت مولاه فهذا أبو بكر مولاه)). ألم بالإمكان أن يكون هذا؟. كان بالإمكان أن يكون هو الذي قال فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)). كان بإمكانه أن يكون هو الذي قال فيه (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أنا مدينة العلم وأبو بكر بابها)) ألم يكن بالإمكان هذا؟. فلماذا تسمع دائماً يقول: علي.. علي. ثم في الأخير تحاول تدفعها عنه. أليس يعني هذا عمل متعب، عمل مرهق. لكن تعال إلى الإمام علي ()، تعال إلى أهل البيت (عليهم السلام) هل تجد تعباً؟. لن تجد تعباً، لن يحرجك الإمام علي إلى أن تدفع عنه القرآن، وتدفع عنه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ولكن ادفع عنه الباطل، ادفع عنه معاوية. بل هو الذي تحتاج إليه مع القرآن لتدفع الباطل أن لا يشوهوا القرآن. هل هذا صحيحاً؟. تدفع أهل الباطل أن لا يدنسوا محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله)، لكن هل يحرجك الإمام علي ()؟، هل ارتكب أخطاء تاريخية مخزية يحرجك إلى أن تُلَجِّم، وتغطي وتغالط عليها؟. أو يحوجك أهل البيت (عليهم السلام) من بعده إلى هذا؟. حصل ظاهرة في أئمة متأخرين من الزيدية، حصل داخلهم حركة وتضارب، وأشياء من هذه، هل نحن أحرجنا أنفسنا بهم، ونقول سلام الله عليه وهو كان كذا؟. لا. لا سلام الله عليه وهو على باطل، لا سلام الله عليه ولو كانت عمامته كيف ما كانت، أو يحمل اسماً كيفما كان. نحن لا نتعب أنفسنا بأعلام يرتكبون باطلاً ثم نحاول أن نغطي عليهم. هذا ليس من طريقتنا إطلاقاً. متى حصل هذا؟. عند متأخري الزيدية عندما امتدت إليهم هَبَّة من الروائح الكريهة من جانب شيعة هؤلاء، فدخل المعتزلة ودخل السنيّة، وأصبحوا متأثرين بهم، فكانوا أعلام منحطين، وكان صراع فيما بينهم، لم يكن يحصل مثله بين أئمة أهل البيت (عليهم السلام) السابقين، فتدنسوا هم بسبب ما وصل إليهم؛ ولأنهم لم يكونوا كاملين، لم يحصلوا على الكمال، أو بعضهم لم يحصلوا على الكمال؛ لأن ثقافته كانت معتزلية أو ثقافته كانت سنية، ولا يمكن أن يبلغ رجلاً درجة كمال بحيث يمكن أن يلي أمر الأمة، وهو على هذا النحو؛ لأنه هو أصبح متأثراً بالآخرين، أصبح متأثراً بما هَبّ من جانب أبي بكر وعمر وشيعتهم. إذا قالوا أئمة الزيدية حصل فيهم كذا وكذا. قولوا لهم: نحن [مُطَرِّقِيْنَ فيهم]، من رأيتموه على باطل العنوه. هل سنأتي نحن ونقول: لا، لا. ونحاول أن نرغمه على أن يقتنع به راغماً، لن نحاول أن نشربك حب عائشة وقد خرجت تقاتل الإمام علي ()، وتحت قيادتها ما يقارب من ثلاثين ألفاً، وحاشيتها من بني أمية. نحن لا نقول أن هؤلاء كلهم [مُصَرَّفِونَ] من المعاصي، ولا يضرهم ما فعلوا، لكن الرسول يضره عندما قال:{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الأنعام:15). [1] - من ملزمة (آل عمران: الدرس الأول ) صـ 12 – 13. [2] - من ملزمة (ذكرى استشهاد الإمام علي ()) صـ 27. [3] - من ملزمة (آل عمران: الدرس الأول ) صـ 32 – 34.