الموضوع
:
تأملات في أسئلة الصحابيات .. أحاديث الصحابيات .. حلقات ..
عرض مشاركة واحدة
26-11-11, 02:36 AM
المشاركة رقم:
3
المعلومات
الكاتب:
جارة المصطفى
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
البيانات
التسجيل:
Mar 2011
العضوية:
1225
المشاركات:
5,141 [
+
]
الجنس:
ذكر
المذهب:
المذهب السني
بمعدل :
1.00 يوميا
اخر زياره :
[
+
]
معدل التقييم:
28
نقاط التقييم:
326
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع :
جارة المصطفى
المنتدى :
باب علــم الحــديـث وشرحــه
الحلقة ( 4 )حديث(( اذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ...))
(4) عن محمد بن حاطب قال: تناولت قدرًا كانت لي فاحترقت يدي، فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة، فقالت له: يا رسول الله .
قال: «
لَبَّيْكِ وَسَعْدَيْكِ
». ثم أدنتني منه فجعل يتُفل، ويتكلم بكلام ما أدري ما هو، فسألت أمي بعد ذلك؛ ما كان يقول ؟!
قالت: كان يقول:
« اَذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِي أَنْتَ الشَّافِيْ لاَ شَافِي إِلا أَنْتَ
».
(1)
السائلة :
هي فاطمة بنت المجلِّل بن عبدالله بن أبي قيس، من بني عامر بن لؤي، القرشية، العامرية، وقيل اسمها جويرية، وجزم ابن بشكوال بأن اسمها فاطمة، تكنىّ بأم جميل، واشتهرت بها، أسلمت قديمًا، وهي من المهاجرات إلى الحبشة مع زوجها حاطب بن الحارث وولدت له هناك محمدًا والحارث .
ثم توفي زوجها، وقدمت مهاجرةً إلى المدينة مع ابنيها في إحدى السفينتين وتزوجت زيد ابن ثابت بن الضحاك وولدت له، وهي صحابيّة روت عن النبي ، وروى عنها ابنها محمد ابن حاطب .
(2)
غريب الحديث :
الجَبَّانة : (بالفتح ثم التشديد) الأصل فيها هو الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسميةً للشيء بموضعه، والجَبَّان: ما يستوي من الأرض في ارتفاع، أو بلا ارتفاع ويكون كريم المنبت، ولا تكون الجبّانة في الرمل ولا في الجبل، وكل صحراء جبّانة
(3)
النَّفْث : النون والفاء والثاء أصل صحيح يدلُّ على خروج شيء من فمٍ أو غيره بأدنى جَرْسٍ وهو أقلُّ من التَّفْل، شبيه بالنفخ، وقيل هو التفل بعينه
(4)
والصحيح الأول .
البأس : بَأَسَ أصل واحد معناه؛ الشدّة وما ضارعها .
قال القاضي عياض – رحمه الله -: هو شدة المرض، ومن معانيه: العذاب، والشدة في الحرب والخوف والفقر والبائس هو: المبتلى، وابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكرهه
(5)
.
السَّقم : هو المرض، يقال سُقْمٌ وسَقَم وسَقَامٌ ثلاثُ لغاتٍ، وهو سَقِيم، ومِسْقَام: كثير السقم ، والجمع: سِقَام
(6)
.
من فوائد الحديث :
1/ مشروعية الدعاء بالشفاء، والتداوي لرفع البلاء بالرقية الشرعية، مع ما في المرض من كفَّارة ورحمة، لأن الدعاء عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى ولا تنافي الثواب والكفَّارة لحصولهما، وكلٌّ من فضل الله تعالى، نزول المرض والصبر عليه والشفاء منه، والداعي بين حسنيين؛ إما نيل مقصوده أو العوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر
(7)
.
2/ الرقية الشرعية بالآيات والأدعية المأثورة عن النبي
سبب لتطييب نفس العليل، وشفائه، وعافيته، ولها آثار عجيبة في الشفاء تتقاعد العقول عن إدراك كنهها، وحصول البرء من المرض بتقدير الله عز وجل ومشيئته وليس في وسع مخلوق تعجيله قبل حينه، وإن لم يكتب للمريض شفاء فإن كل ما يقع من تدبير الطبيب، وخواصّ الدواء لا ينفع ولا ينجع
(8)
.
3/ من تمام لطف الكريم سبحانه بخلقه أن ابتلاهم بالأدواء وأعانهم عليها بالأدوية الحسية والمعنوية
((9)
.
4/ قال ابن القيم – رحمه الله -: في هذه الرقية توسُّل إلى الله تعالى بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي
(10)
5/ قال ابن عبد البر والنووي – رحمهما الله -: أجمع العلماء على جواز النفث، واستحبه الجمهور من الصحابة ومن بعدهم التابعين، ونقل القاضي عياض عن بعض علمائه كابن عبدالبر والباجي: أن النفث في الرقية سنَّةٌُ، والأخذ بها اقتداءٌ بالنبي
(11)
وسئلت عائشة –
ا - عن نفث النبي
في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل الزبيب
(12)
وهو يقتضي أن يلقي اليسير من الرِّيق.
6/ قال القاضي عياض – رحمه الله -: فائدة النفث والتفل اليسير – والله أعلم - التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء والنَّفَس المباشر للرقية والذكر الحسن والدعاء الطيب، وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض وانفصاله عنه، كانفصال ذلك النفث عن فيّ الراقي
(13)
وقال ابن القيم – رحمه الله -: في النفث سرٌّ عجيب؛ لأن الرقية تخرج من قلبه وفمه، فيكون التأثير بها أقوى نفوذًا وأتمَّ للرقية، واستعانة الراقي بها في إزالة الضرر وإطفاء حرارة الألم كاستعانة تلك النفوس الخبيثة بلسعها وإحراقها وإفسادها
(14)
7/ المسح باليد اليمنى على الوجع سنة عند الرقية، وهي من التفاؤل بزوال الألم وذهاب المكروه
(15)
.
8 / كان النبي
يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء من هذا المرض بعينه، لأنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر، وكان يكرر الرقية ليكون أبلغ في الضراعة وأنجع في الاستجابة
(16)
.
9/ فيه لطف النبي
ولين جانبه مع المرأة المفجوعة بوجع صغيرها، يظهر ذلك في الاستقبال الرحّب والتقدير للخطْب والدعاء للمريض حتى زوال الكرب .
10/ قال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله-: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى، وسنَّةُ رسوله
، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرها. اهـ
(17)
.
وأثبت هذا الحديث اسم عظيم من أسمائه سبحانه وهو (الشافي) وله أصل في القرآن الكريم وهو قوله تعالى(
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
)
(18)
.
والشافي هو الذي يشفي عباده من الأسقام والأمراض ويعافيهم
(19)
.
(1)
رواه النسائي – واللفظ له - (6/55 ح10015) وأحمد (3/418) بلفظ: «انْصَبَّتْ على يَدِي من قِدْرٍ، فَذَهَبَتْ بي أُمِّي إِلى رسُولِ اللهِ
وهو في مَكانٍ، فَقالَ كَلاَمًا فِيْهِ : أَذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ» وأحسبه قال: «اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي » قَال: «وكانَ يَتْفُلُ ».
- و رواه أيضاً (3/418) عن أمِّه أُمّ جميل بن المجُلّل، قالت: أقبلتُ بك من أرضِ الحبشةِ، حتى إذا كنتُ من المدينةِ على ليلةٍ أو ليلتين طبخَتُ لكَ طَبيخًا، فَفنِيَ الحطبُ فخرجتُ أطلبُهُ، فَتَنَاولتَ القدرَ فانكفأتْ على ذراعِكَ، فأتيتُ بكَ النبي
، فقلتُ: بأبي وأُمِّي يا رسُول الله، هذا محمدُّ بن حاطبٍ، فتفلَ في فِيكَ، ومَسَحَ على رأسِكَ، ودَعَا لكَ وجَعَلَ يَتْفُلُ على يديك ويقول: «أذْهِبْ البأسَ رَبَّ الناسِ واشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا ». قالتْ: فما قمتُ بِك مِنْ عِنْدِه حتَّى بَرَأَتْ يَدُكَ .
و الحديث صحيح الإسناد .قال الهيثمي – رحمه الله - : ورجال أحمد رجال الصحيح . مجمع الزوائد (5/115).
وله شاهد صحيح من حديث عائشة –
ا-: أن النبي
كان يعوّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللهم رب الناس أذهب الباس واشِفِه، وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سَقمًا » متفق عليه. رواه البخاري (491 ح5743)، ومسلم (1067 ح2191) .
(2)
الاستيعاب (4/1927)، غوامض الأسماء المبهمة (1/362)، أسد الغابة (6/230)، الإصابة (8/70) .
(3)
معجم ما استعجم (1/363)، معجـم البلدان (2/99)، لسان العرب (13/84).
(4)
معجم مقاييس اللغة (ص1002)، وينظر: لسان العرب (2/196)، الغريب لابن سلام (1/299)، النهاية في غريب الحديث (5/87)
(5)
معجم مقاييس اللغة (ص148)، لسـان العرب (6/20)، مختـار الصحاح (ص16)، مشارق الأنـوار (1/101).
(6)
معجم مقاييس اللغة (ص463)، لسان العرب (12/288)، مختار الصحاح (ص128)، النهاية في غريب الحديث (2/380) .
(7)
ينظر: شرح معاني الآثار (4/329)، وشرح ابن بطال (9/433)، فيض القدير (5/87)، تحفة الأحوذي (10/8).
قال القاضي عياض – رحمه الله -: وترك الاسترقاء أفضل وأعلى عند بعض العلماء والصالحين لما فيه من اليقين أن العبد ما أصابه لم يكن ليخطئه ولا يعدو شيء وقته وهو من كمال التوكل على الله سبحانه. إكمال المعلم (7/100).
(8)
ينظر: التمهيد (5/264)، الفتح (10/256)، فيض القدير (5/86)، شرح الزرقاني (4/418).
(9)
فيض القدير (الصفحة السابقة) .
(10)
زاد المعاد (4/ 188).
(11)
إكمال المعلم (7/100)، التمهيد (5/279)، المنهاج (14/403)، قال العيني في عمدة القاري (20/24) النفث: إخراج ريح من الفم مع شيء من الريق .
(12)
رواه الحميدي في مسنده (1/114 ح233). وهو صحيح .
(13)
إكمال المعلم (7/101)، المنهاج (14/403)، فتح الباري (10/242)، عمدة القاري (21/262)، الديباج (5/212) .
(14)
نقلته مختصرًا من زاد المعاد (4/181- 182) .
(15)
شرح ابن بطال (9/433)، إكمال المعلم (7/101)، عمدة القاري (21/262).
(16)
ينظر: عون المعبود (10/274)، تحفة الأحوذي (10/8) .
(17)
مجلة البحوث الإسلامية (12/ 209) بحث بعنوان : قواعد في أدلة الأسماء والصفات للشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله- .
وينظر: فتح الباري (10/254)، عون المعبود (10/273)، تحفة الأحوذي (10/8).
(18)
سورة الشعراء، الآية: 80 .
(19)
ينظر: كتاب صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة، (ص180).
توقيع :
جارة المصطفى
جارة المصطفى
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى جارة المصطفى
البحث عن كل مشاركات جارة المصطفى