الشيخ الطيار: الباء للاستعانة. الشيخ الخضيري: للاستعانة، فيستعين العبد ربه سبحانه وتعالى في كل أمر يبدأ به. الشيخ الطيار: لكي يتنبه السادة أن الرسول لما كان يدعو كان قد وعد وانتهى، لأن الرسول لم يكن دعاءه قبل الوعد وإنما دعا بعد أن وعد إما العير وإما النفير، ومع ذلك كان النبي يدعو، أيضا في السورة لو تأملنا لكي لا نطيل في "الحمد" حقيقة نقول أنه لما تكرر الحمد، أنا أحس أن "الحمد" يحتاج إلى بحث مستقل لأن مسمى "الحمد" لو تسأل بعض الناس ما معنى الحمد؟ هو لا يعرف "الحمد" لما تقول له الحمد هو ذكر المحمود بصفات الكمال، كل صفة كمال تنسبها لله تعالى فهي حمد لله سبحانه وتعالى، فإذا كررت محامدك لله سبحانه وتعالى حمدا بعد حمد يكون ثناء، والرسول لما قال: [فإذا قال: {الحمد لله رب العالمين} قال: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمنِ الرَّحِيم}ِ قال: أثنى علي عبدي] لأنه كرر الحمد، الحمد إذًا هو: ذكر المحمود بصفات الكمال مع المحبة والتعظيم. الشيخ الخضيري: لأنه لو كان ذكره بصفات الكمال دون محبة الله تعالى يصبح مدحا، مثل ما تقول: هذا الباب هذا الشجر جميل جدا وهذا مدح ذكرته بصفات كمال لكن ليس على وجه المحبة والتعظيم، الفرق بين المدح والحمد هو المحبة والتعظيم. ننتقل إلى سورة البقرة يا دكتور عبد الرحمن. الشيخ الشهري: سورة البقرة هذه سورة عظيمة 286آية، هذه أطول آية في القرآن الكريم، وكان الرجل إذا حفظها من الصحابة يرتفع قدره، وأنا أقول حتى لبعض من يستشيرني يقول: أنا ما استطعت أن أحفظ القرآن ما استطعت أن أتابع، أقول له هل تحفظ سورة البقرة؟ فقال يمكن أن أحفظها، أقول: إذا حفظتها فقد حفظت شيء عظيم، ولا تستهن يا أخي، أنا ما استطعت أن أحفظ إلا 15 جزء، أقول هذا كنز عظيم، جاءني مرة واحد حزين وقال: أنا ما استطعت أن أحفظ إلا عشر أجزاء وعجزت أن أكمل، وقلت وهل عشرة أجزاء سهلة؟ هذه مكسب عظيم، هذه كنز عظيم عشرة أجزاء، البقرة جزئين و ثلاثة أجزاء إلا، قال: لا الحمد لله أحفظ عشرة أجزاء، قلت: أنت يا أخي تنظر إلى نصف الكوب الفاضي أو الفارغ أنت الآن تحفظ عشرة أجزاء يا أخي والله لو أتقنتها وتدبرت فيها بإذن الله تدخلك الجنة وتكفيك، واعلم أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم ما كانوا يحفظوا هذا القدر الذي تحفظه فقال: والله أنت رفعت معنوياتي، وقلت والله بعضنا يهون من نعم الله عليه وهي عظيمة، عشرة أجزاء ما هي بسيطة. الشيخ الخضيري: لو زدت يا أبا عبد الله في قولك ابن عمر بقي فيها ثماني سنوات، وعمر روي عنه أنه مكث فيها ثلاثة عشرة سنة، و قطعا لا يحفظها، يعني لا يريد من ذلك الحفظ لأنهم يحفظونها بأيسر من ذلك، ولكن يتدبرون ويتأملون لذلك سماها العلماء (فسطاط القرآن) حتى قال بعضهم فيها: (ألف أمر، وألف نهي، وألف خبر) من منا يستنبط ألف أمر، وألف نهي، وألف خبر، لا تستطيع ذلك إلا إذا كنت بالفعل تمعن النظر فيها وتخرج من كل آية ما شاء الله من الفنود. الشيخ الشهري: وأيضا هناك فائدة مهمة في سورة البقرة سبحان الله العظيم، وهي أن المفسرين عندما يبدؤون القرآن يبدؤون من هناك، فسورة البقرة تجد كلام المفسرين فيها كلام مفصل، وكلام واحد مقبل، توه بادي وحريص على التفاصيل وعلى التأصيل، ثم شيئا فشيئا يقل حتى يصبح في النصف الثاني من القرآن يقول سبق تفسيره، سبق تفسيره، أما في البقرة أبدا تجد كل شيء تجده مفسر واضح لذلك أقول اقرأ دائما تفسير سورة البقرة، لذلك أعجبني الشنقيطي – رحمه الله – يقول ابنه عبد الله: أنا قرأت على والدي تفسير سورة البقرة، ثم يبدوا أنه ما أكمل، فعندما قرأ عليه سورة البقرة تعلم منه منهجية التفسير، ثم سورة البقرة فيها أشياء كثيرة لا تجدها في غيرها، يعني يفسر فيها كل مفردة لغوية تمر عليه، كل أسلوب يمر عليه، كل حكم شرعي يمر عليه، وهي مليئة بالأحكام الشرعية، فيتفقه الإنسان فيها فقها عظيما ولذلك يسميها الشاطبي "كلية الشريعة " يقول سورة البقرة هي كلية الشريعة، مليئة كل الأحكام وأركان الإسلام، فيها حديث عن أركان الإسلام كله. الشيخ الخضيري: ولذلك نحن نقول لبعض الطلاب الذين يسألون في تفسير بعض المواطن في كتاب الله ولا يجدون كلاما كثيرا أو استطرادا للمفسرين في ذلك الموطن نقول: أنظر إلى سورة البقرة إن كانت وردت في سورة البقرة فإن المفسرين يضعون ثقلهم في تلك السورة، ويشيرون كما ذكرت قبل قليل، بعض الناس يقول: أنا مريت على تفسير هذه القضية مثلا قصة نوح في سورة هود، أو في سورة المؤمنون، يقول ما وجدت كثير كلام في هذه القصة، نقول انظر إلى أول موطن وردت فيه، في سورة مثلا الأعراف في هود أو غيرها تجد أن المفسرين يضعون ثقلهم فيها. الشيخ الطيار: من العجيب الحقيقة قضية تسمية السورة وردت هذه بالنص النبوي تسميها البقرة، لما قال الرسول : [إقرؤا الزهروين البقرة وآل عمران] مراتب تسمية السور ثلاثة: ما ثبت عن النبي . ما ثبت عن الصحابي، فهذه مرتبة عُليه لأنه احتمال أن يكونوا سمعوها من النبي أو احتمال اجتهد فسماها هو. تسمية ما دون الصحابي إلى وقتنا الحاضر. الحقيقة المرتبة الأولى وهي أول مرتبة ثم المرتبة الثانية، أما المرتبة الثالثة فهي دخلت في باب الاجتهاد. لماذا اعتنينا المرتبة الأولى بالذات؟ لأن الرسول حكيم ولا ينطق إلا بحكمة، ولا يختار اسما إلا له دلالة، إذا ذهبنا نتلمس الحكمة والدلالة في هذه التسمية قد يقول قائل مباشرة من أول وهلة لأن فيها قصة البقرة وإحياء الموتى شيء عجيب، نقول له: إن في سورة البقرة أكثر من قصة في إحياء الموتى وقد تكون في العجب مثل ما في قصة البقرة، مثل إحياء الموتى لإبراهيم ، وكذلك الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وكذلك الرجل الذي مر على قرية، فهي أكثر من قصة ذكرت، لكن العجيب أن تختار البقرة التي مرتبطة ببني إسرائيل باليهود بالذات وهم الأمة التي ضربت بهم الأمثال للمؤمنين، وكأن في هذا سرا في أن ينتبه المسلمون لهذه القصة بالذات في أن اليهود شددوا في حكم الله فشدد الله عليهم. الشيخ الخضيري: وتلكئوا في الاستجابة، فجعل الله هذه القصة كأنها رمز لخلق هؤلاء اليهود وأن لا تكون هذه الأمة المحمدية مثلهم. الشيخ الطيار: فكأنه يقول لهم: انظروا إلى هؤلاء القوم ألقيت لهم أمري فتلكئوا فيه وبدؤوا يسألون فشددوا حتى شدد الله عليهم، فما استطاعوا إلا بعد جهد بل حتى إنه قيل وهو ما يحكى من الأقوال أنهم ملئوا هذه البقرة ذهبا. الشيخ الخضيري: يشتروها من صاحبها. الشيخ الطيار: مع أن الله قال على لسان موسى قال: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً}(سورة البقرة:67) أي بقرة، ثم تجدهم تشددوا في هذا، هل استجاب المؤمنون بالنبي الصحابة .. هذا المعنى أواستجابوا لأوامر الله؟ يَنْدُر أن نجد صحابي اعترض على أمر الله، حتى في أشد الأمور النفسية ، في شدة الوقع النفسي عليهم في الحديبية : يخرج الرسول : احلقوا، ما أحد ، لكن لم يكن منهم أنهم لم يستجيبوا لكنهم ما زالوا مشدوهين بما يرون أو يظنون أنه تنازل، كما قال عمر: [علاما نعطي الدنية في ديننا] فلما رأوا الرسول صلى الله عليه نفذ الأمر كما أشارت عليه أم سلمة، استجابوا جميعا. الشيخ الخضيري: كادوا أن يقتتلوا على الحلق. الشيخ الطيار: الحقيقة مهم جدا أن نلتفت لهذه المعاني التي تدل كيف كان الصحابة رضوان الله عليهم قد انتقلوا من الفلسفة والبحث عن العلل وانتقلوا إلى التطبيق المباشر في جميع حياتهم. الشيخ الخضيري: ومصداق ذلك في السورة، لأنه قال في أول السورة {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} (سورة البقرة:1-3) ثم لما جاء في آخر السورة قال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ} (سورة البقرة:285) ما انتهت السورة حتى حكم لهم بأنهم قدوا نفذوا قبلوا صدقوا استسلموا انقادوا كمال الانقياد لربهم تعالى فهذه شهادة الله لهم. الشيخ الشهري: جزاك الله خير، حقيقة معاني رائعة، من هذه المعاني الرائعة التنبيه عليها، كثير منا يغفل عن سبب تسمية السورة بالبقرة، وارتباطها بموضوعها الأصلي، وهذه لفتت نظري إلى فائدة في قوله سبحانه وتعالى في أول السورة، أول وصف من أوصاف المؤمنين، ما هو هذا الوصف؟ قال: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(سورة البقرة:2) ما هي صفاتهم يا رب؟ قال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}(سورة البقرة:3) هذا الإيمان بالغيب هم يؤمنون بالغيب ويصدقون وينقادون وبني إسرائيل هؤلاء أنظر رفضوا بما بالشاهد، وهؤلاء الذين يؤمنون بالغيب، وأنا دائما أتأمل لماذا تقديم صفة الإيمان بالغيب؟ التسليم المطلق للنبي ، لله سبحانه وتعالى في أوامره، أبو بكر الصديق لما تتأمل في مسائل العلم في كتب الفقه أو في الحديث تجد روايته للحديث قليلة مسائل الفقه التي حفظت عنه قليلة، التفسير قليل حتى واحد مرة سألني قال أريد أن أكتب بحث في تفسير أبي بكر الصديق قلت له ما تجد كثيرا، أبو بكر الصديق من أول من آمن بالنبي ، وصحب النبي، ألصق الناس بالنبي يعني ما سمع من النبي شيء؟ هل معقول أن أبا هريرة الذي أسلم في عام خيبر، وأدرك أربع سنوات فقط من عهد النبي ، يروي هذا العدد الهائل من أحاديث النبي و أبوبكر المصاحب للنبي من البعثة حتى دفنه عليه الصلاة والسلام، ولم يسمع منه ما سمعه منه أبوبكر، سمع منه أضعاف أضعاف ولكنه ما روى إلا القليل، وبالرغم من ذلك انظر إلى الصفة المتميزة الرائعة الانقياد، قالوا له: ألم تسمع ما يقوله صاحبك؟ لما جاء النبي ذكر قصة الإسراء والمعراج، قال: [إن كان قد قاله فقد صدق]. الشيخ الطيار: أنتم أثبتوا لي أنه قاله بس. الشيخ الشهري: فتعجبوا منه، قال: [أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء، ولا أصدقه إلى بيت المقدس] هذه يا إخوان ترى نغفل عنها كثيرا من المسلمين يجادل في كل مسألة يريد دليل، وأين التسليم؟ أين الانقياد؟ تقول له ترى من السنة أن تفعل كذا، وهذا لا يجوز، قال: ما هو الدليل؟ هذه سنة يا شيخ. الشيخ الخضيري: هل هي واجب؟ واجب مؤكد أم؟ الشيخ الطيار: نعم. الشيخ الخضيري: يعني يدل على أنه لا يريد أن ينقاد، ولذلك لاحظ أنه ذكر في القرآن وهذا تتمة لكلامك يا أبا عبد الله، قال: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}(سورة البقرة:2) القرآن يهدي من؟ يهدي من يتقي الله أما الذي لا يتقي الله فقد لا يكون له حظ ولا نصيب من هداية القرآن، ولذلك بعض الناس يسأل يقول: أنا أقرأ القرآن وأقرأ القرآن ولا أستفيد، وأحب أن أتم كلامك بقضية قضية الدكتور عبد الرحمن وهي أنك قلت: ما مناسبة ذكر هذه القصة في هذه السورة؟ هذه السورة ذكرنا أنها فسطاط القرآن فيها من الأحكام، فيها من الأخبار، فيها من العظات، فيها من التصديقات الشيء الكثير تحتاج منكم أيها المؤمنون إلى عمل مباشر، فإياكم أن تستقبلوها كما استقبل بنوا إسرائيل أمر موسى عليه الصلاة والسلام {قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(سورة البقرة:67). الشيخ الطيار: قصة آدم وردت في هذه السورة، ووردت في بدايات هذه القصة منذ أن أخبر الله الملائكة بأنه سيخلق هذا المخلوق لعمارة الأرض: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة:30) يتساءل كثير من الناس في مثل هذا المقام هل كان أحد يسكن الأرض قبل آدم أو لا؟ لم يرد في الكتاب ولم يرد في السنة دليل صحيح صريح على أنها كانت مسكونة، ولهذا نحن نبقى على الأصل أن الأرض خلقت لآدم وبنيه، وأنزل إبليس الرجيم من الجنة إلى الأرض فتنة من الله سبحانه وتعالى لآدم وبنيه، ولهذا نجد أن إبليس من بداية ما خلق آدم كما قال عنه الله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}(سورة البقرة:34) لما قال الله بعد هذا: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}(سورة البقرة:36) العداوة ابتدأت مع الشيطان منذ أن خلق الأب آدم عليه الصلاة والسلام، ولهذا نفرق، آدم، قال: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}(سورة البقرة:37) أما الشيطان عياذا بالله انتكس وطلب البقاء إلى يوم الدين كما ستأتي الآيات المخبرة بذلك. الشيخ الخضيري: هنا السؤال عن السجود أبا عبد الله، أليس السجود عبادة ولا يجوز صرف هذه العبادة إلا لله؟ ما الجواب؟ الشيخ الشهري: هذا السؤال عن سجود الملائكة عليهم الصلاة والسلام لآدم ، وهذا كان مثار استنكار شديد من إبليس، السجود عندما تنظر له من جهة الآمر به، الله جل وعلا يقول: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ}(سورة البقرة:34) فعندما نفذ الملائكة عليهم السلام نفذوا أمر الله سبحانه هذا عبادة لله تعالى واستجابة، فهو بالنظر إلى الآمر به عبادة، سجود عبادة وهذا توجيه من قال من المفسرين أن هذا سجود عبادة، لأن بعضهم استنكر قال: كيف نقول سجود عبادة لآدم عليه الصلاة والسلام؟ لا هو سجود عبادة لأن الذي أمر به هو الله، وإذا نظرت إليه من جهة آدم بأنه قال: {اسْجُدُواْ لآدَمَ} فهو من باب التشريف والتكريم لآدم ، وإذا نظرت إليه من جهة آدم فهو تشريف وتكريم له، وإذا نظرت إليه من جهة الآمر به فهو عبادة لله سبحانه وتعالى أنه استجاب له. الشيخ الطيار: طبعا بعد قصة آدم جاء الحديث عن بني إسرائيل وابتدأ الخطاب معهم بقوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}(سورة البقرة:40) ثم مرت الآيات بعد ذلك في قصة بني إسرائيل ثم قال: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}(سورة البقرة:47) الخطاب يا بني إسرائيل لمن كانوا في عهد النبي ، ونلاحظ أنه قال: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} ليس على الوقت لأنه قد وإنما فيما مضى، إذا كانوا مقيمين فكأن التفضيل على العالمين مرتبط بماذا؟ بإقامة شرع الله تعالى فلما انتهى لما لم يقيموا شرع الله فإنهم قد خرجوا من التفضيل، ولما بعث النبي خرجوا من التفضيل وهذا أحد أسباب عداوتهم للنبي ، ثم إنه ذكر أفعالا هي من أفعال الآباء، مثل قوله سبحانه: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم} {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ} {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} مع أنهم ليسوا هم الذين فعلوا ذلك مباشرة، وإنما الذي فعله من هو؟ آبائهم، و كأن النعمة والمحنة التي كانت على الآباء كان منة عليهم، لأنه لولا إنجاء الآباء لما خرج هؤلاء، إذا هم المخاطبون في هذا الخبر. الشيخ الخضيري: نسأل الله جل وعلا أن ينفعنا بكتابه، جزاكم الله خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. يتبع الجزء الثاني ...