عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-11, 03:26 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
جارة المصطفى
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية جارة المصطفى


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 1225
المشاركات: 5,141 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: المذهب السني
بمعدل : 1.00 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 28
نقاط التقييم: 326
جارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمر

الإتصالات
الحالة:
جارة المصطفى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جارة المصطفى المنتدى : بـاب السيـرة النبـويـة
افتراضي

تواضعه و لين جناحه - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ: (يَا أُمَّ فُلاَنٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَك) فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.(1)
عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - مَعَ أَبِي، وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -: (سَنَهْ سَنَهْ).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -: (دَعْهَا)، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة -: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ.(2)

* * *

إذا شرفت النفس كانت للآداب طالبة ، وفي الفضائل راغبة، فإن اقترن بها علو الهمّة، ونبل الهدف كانت طيّبة الجنى، وارفة الظلال، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها!
يقتات منها الصغير والكبير، ويأوي إليها القوي والضعيف، والغني والفقير.
لقد كان رسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- مع الناس تلك النفس الخيّرة، آيةً في اللين والتواضع، ومثلاً في السماحة واللطف، بالرغم من نفوذ سلطانه، وجلالة قدره، و انقيادهم لأمره، و توقيره و مهابته.
بل إن طاعته و محبّته مقدّمة على النفس، والأهل، والمال، والعشيرة...!

توافيه تلك المرأة (وفي عقلها شيء) في بعض الطرق الضيقة، المصطفة من النخيل، المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبًا(3)، و تسأله حاجتها، و ما ثمّ لولا ما آنسته من الحبيب - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- من تمام التواضع والقرب من المستضعفين، ولينه في أيديهم، ومشيه في حوائجهم، وتشوقهِ إلى إرضائِهم، وسماعِ شَكواهُم، وقضاءِ شُؤونِهم .
فيسعها النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- بعطفه المعروف، وتواضعه المألوف، ملبياً رغبتها بسخاوة نفس وتقدير: (يَا أُمَّ فُلاَنٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَك) !!!

فللّه لين ذاع في الناس صيته وخفض جناحٍٍ طوّق الوعر والسّهلا

و تأتيه جارية صغيرة هي : أمَة (بمفتوحة وخفَّة ميم) بنت خالد بن سَعيْد بن العَاصِ، تكنّى أم خالد(4)، و تقترب منه لترسم صورة أخرى رائعة من التواضع والعطف النبوي .
نرى فيها النَّبي المربِّي- صلى الله عليهوسلم - وهديه القويم في رعاية الأطفال، وقربه من الصِّغَار، وتلقِّيهم بالبِشْر وسهولة الخلق.. والرحابة ...
وشفقته على البنات خاصَّة ! ألا ترى إلى عظيم تقديره لأم خالد، واصطفائها من سائر القوم، وتشريفها بهديته، بعدما سأل الحضور من أصحابه عمن يستحقها، وسكتوا حيرة، فاستشرفوا لها، وكانت تلك الجارية هي الجديرة بها، قَالَ: (مَنْ تَرَوَنَ أَنْ نكْسُوَ هذه؟ فسكت القومُ، قَالَ: ائتوني بأمّ خالدٍ).
إنه يدعوها بكنيتها، زيادة في إكرامها، والاهتمام بها، وجيء بها تحمل في -رواية لحداثة سنِّها (فَأَخَذَ الخَمِيْصَةَ وهي كساء من خزٍّ أو صوف - بيده الشريفة فألبسه) إياها!
وبالغ - عليه الصَّلاة والسلام - في العطف عليها، والإحسان إليها، والبِّر بها، (فَجَعَلَ يَمْسَحُ الأعلام وهي ألوانها البارزة الصفراء أو الخضراء بيده، ويقول مادحًا لها، مثنيًا على جمالها وروعتها هذا: (سَنَهْ سَنَهْ)، بمعنى حسن، وما قالها الحبيبُ - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - بالحبشيَّة، وهو العربيُّ الفصيح! إلا محاكاة لُّلغة التي ألفتها منذ طفولتها، وتطييبًا لخاطرها، وطمعًا في إدخال السرور والبهجة إلى قلبها.
ويَسْتمرُّ الحنانُ النبويُّ الدافئ ليحكي مشهدا مؤثِّرا من اللطف الغامر بتلك الصبية، دنت منه بعدما اطمأنّت لتواضعه ورحمته، ولفت نظرها خاتم النبوة البارز بين كتفيه (كزرِّ الحجلة)،، فَتَاقَتْ نفسُها إلى لمسه، فطفقت تلعب به، مما أثار حفيظة والدها الذي نهرها بقسوة، فنهاه النبي - صلى الله عليهوسلم - وقال: (دعه)، فاستمرت تلهو به مرحًا مستأنسة برضى النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - مطمئنة إلى سماحته، ثم يختم اللقاء الطيب بدعواتٍ لها مباركةٍ، يرددها ثلاثًا، ويمتدُّ أثرها إلى أمد ذاك اللقاء بما يحويه من المعاني القيِّمة للتواضع وخفض الجناح، يمثل أنموذجًا من الدروس التربوية التي لها أكبر الأثر في بناء الشخصية العاطفية، وتربيتها على التواضع ودماثة الخلق على نحو أفضل.

تكتب هذه السلسلة
د/ منى القاسم
(1) رواه مسلم (2326) و البخاري (3786) وزاد بلفظ:" والذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّكُم أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ)، مرَّتَيْن.
(2) متفق عليه.
(3) ينظر: لسان العرب (10/439)، مختار الصحاح (ص129)، الغريب لابن سلام (1/349)، الغريب للخطابي (1/729)، مشارق الأنوار (2/268)، النهاية في غريب الحديث (2/284)فتح الباري (9/416).
(4) الاستيعاب (4/1790)، أسد الغابــة (6/325)، الإصابـة (7/506)، المغني في ضبط أسماء الرجال (ص26).
عفّته و حياؤه - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: (دعه فإنّ الحياء من الإيمان).(1)
عن أنس قال:(لما تزوج النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- زينب أهدت له أم سليم حيسا في تور من حجارة، فقال أنس، فقال رسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-:" اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين، فدعوت له من لقيت، فجعلوا يدخلون عليه فيأكلون ويخرجون، ووضع النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- يده على الطعام فدعا فيه، وقال فيه ما شاء الله أن يقول، ولم أدع أحدًا لقيته إلا دعوته، فأكلوا حتى شبعوا، وخرجوا، وبقي طائفة منهم فأطالوا عليه الحديث، فجعل النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- يستحيي منهم أن يقول لهم شيئا، فخرج وتركهم في البيت، فأنزل الله - عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ)، قال قتادة: غير متحينين طعامًا، (وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا)، حتى بلغ: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)).(2)
عن أبي سعيد الخدري -نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- قال: (كان النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- أشد حياء من العذراء في خدرها، حدثني محمد بن بشار حدثنا يحيى وبن مهدي قالا: حدثنا شعبة مثله، وإذا كره شيئا عرف في وجهه).(3)
الحياء غذاء الروح، وحياة القلب، كما أن الغيث حياة الأرض، ورواؤها، وبهجتها.
وعلى حسب حياة القلب تكون قوّة خلق الحياء، فكلّما كان القلب أحيا كان الحياء أتم، وقلة الحياء من موت القلب والروح .(4)
و لمّا كان الحياء بهذه المنزلة العظيمة من حياة الإيمان في القلب، واقترانه به ودوامه فيه، كان النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- أعظم هذه الأمة حياءً، شهد له ربه – سبحانه- بهذه الصفة الكريمة في محكم تنزيله فقال: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ)[سورة الأحزاب : 53].
ومن تأمّل هذه الأحاديث الثابتة رأى كثرة حياء النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-، وأنه كان جامعا ًبين نوعي الحياء الغريزي والمكتسب.
ففي الغريزي كان أشد من العذراء في خدرها، وأما المكتسب فقد كان في الذروة العليا منه.
وكلا النوعين محمود، مطلوب، وسبب لزيادة الإيمان؛ لأنه يكون تخلقا واكتسابا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة، ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب، ونية، وعلم، فهو من الإيمان، ولكونه باعثاً على أفعال البر، ومانعاً من المعاصي، ومُعْفَىً من الفواحش، وناهيا عن المنكرات، فلا يأتي منه إلا خير(5).
و ترجمت لنا سيرته العطرة حقيقة ذلك الحياء، وتمكّنه من خلقه وسلوكه العملي، في مواقف شتى، منها زواجه من زينب بنت جحش -نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةا-.
فقد كان - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- حديث عهدٍ بأهله، والأضياف في بيته قد حضروا وليمته، وطعموا حتى شبعوا، وظلّوا مستأنسين بالحديث في غفلةٍ عن حال النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- وتكدّره من طول بقائهم، و هو يستحي أن يواجههم بأمر الخروج من بيته، و الانفراد بعروسه!
حمله الحياء على أن يترك أخصّ حقوق نفسه في ليلة البناء بأهله، والشوق إليهم، وتحمّل مشقة الحرج من أصحابه الذين أكرمهم بضيافته، والتناول من مائدته، على أن يصارحهم بما يجول في خاطره، وما يعتمل في نفسه؛ إيثاراً للحياء، وحرصاً على توفير الراحة والانبساط لهم.
فتولّى الرحمن – سبحانه- أمره، ورفع عنه ما أهمّه، وأنزل قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، يصدع بما للنبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- من الحقّ العظيم من الاحترام والتوقير، والآداب المتعّينة له على أصحابه و أمته.
ويدعونا في الوقت نفسه إلى الاقتداء به، والتحلي بهذا الخلق الفاضل، فمن استحيا من الله – سبحانه- حق الحياء رأى نعمه وآلاءه، واستشعر إساءته وتقصيره، وبادر بالخيرات، وترك المنكرات، ومن استحيا من نفسه عفّها وصانها في الخلوات، ومن استحيا من الناس كف أذاه عنهم، وترك المجاهرة بالقبيح والسيئات(6).

تكتب هذه السلسلة
د/ منى القاسم

(1) صحيح البخاري (24)، و مسلم (36).
(2)
هذا لفظ مسلم، صحيحه ج2/ص1052، وللحديث طرق في الصحيحين.
(3) متفق عليه صحيح البخاري (3369)، ومسلم (2320).
(4)
ينظر: مدارج السالكين (2/259).
(5)
ينظر: فتح الباري ( ج10/ص522)، وشرح النووي: ج2/ص5، أخلاق النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- في القرآن والسنة (1/485).
(6) ينظر : أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص 243).

أمانته و وفاؤه - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لئن كان خلق الأمانة والوفاء عظيماً في سائر الناس؛ لما له من الأثر الكبير في صلاح أمر الدنيا والدين، فإنه في أنبياء الله ورسله أعظم، وفي حقهم أوجب وألزم، فطرهم الله ورباهم عليها ليتمكّنوا من تبليغ رسالاته إلى خلقه، وكان نبينا محمد - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- في الذروة العليا من هذه الأخلاق والسجايا الكريمة، وكماله فيها فاق كل كمال.
لقد نشأ يتيماً مطبوعاً على الأمانة والوفاء بالعهد، فلا يكاد يعرف في قومه إلا بالأمين، فيقولون:جاء الأمين، وذهب الأمين، وحلّ في نفوسهم وقلوبهم أعلى منازل الثقة والرضى!!(1)
كما دلّ على ذلك احتكامهم إليه في الجاهلية في قصة رفع الحجر الأسود عند بنائهم الكعبة المشرفة، بعد تنازعهم في استحقاق شرف رفعه ووضعه في محله، حتى كادوا يقتتلون، لولا اتفاقهم على تحكيم أول داخل يدخل المسجد الحرام، فكان هو محمد - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- فلما رأوه قالوا:(هذا الأمين، رضينا هذا محمد)(2).
و بلغ من ثقتهم الكبيرة في أمانته ووفائه ما اعتادوا عليه من حفظ أموالهم ونفائس مدّخراتهم لتكون وديعة عنده، ولم يزل هذا شأنهم حتى بعد معاداته بسبب نبوّته، ودعوتهم إلى الإيمان، ونبذ عبادة الأوثان، فلم يخالجهم الشك في أمانته و وفائه! ومما يدل على ذلك ترك علي بن أبي طالب -نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- بمكة بعد هجرته - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- ليرد للناس ودائعهم التي كانت عنده، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-.(3)
ولقد تحقق ذلك الخلق العظيم بأتمّ معانيه، وأحسن مراميه بعد نبوّته - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-؛ لأن الله تعالى أراده خاتماً لأنبيائه ورسله إلى الناس كافة، و لا يُمكّن من ذلك إلا أمين كامل الأمانة، يحظى بثقة الناس فيستجيبون له ويؤمنون به.
و أدّى نبينا - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- شرع ربنا - تبارك وتعالى- كما أراده الله - عزّ وجل-، وبلّغ آياته فلم يكتم منها حرفاً، وإن كان عتاباً له ولوماً، وشهد له في كتابه بهذا البلاغ الكامل حتى تمّ الدين، وظهر الإسلام قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) [سورة المائدة:3].
و إن من المواقف العظيمة في أمانته ما رواه سعد -نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- قال لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان، فجاء به حتى أوقفه على النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله)فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين)(4).
و أما الوفاء فله منزلة عظيمة في أخلاق النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-، فكان أوفى الناس مع ربه - تبارك و تعالى-، و مع أصحابه، وأزواجه، وذويه، بل وأعدائه!.
و من أروع المواقف النبوية التي تتجسد فيها هذه السجية الفاضلة ؛ وفاؤه لحاطب بن أبي بلتعة -نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- مع فعلته الكبرى، وهي إفشاؤه لسر النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- في أشد المواقف خطورة، موقف الغزو الذي لا تغفر البشرية لمثله؛ لأنه تجسس وخان خيانة عظمى.
فقد كتب حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بمقدم رسول الله - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- إليهم بجيشه لفتح مكة، وأرسله خفية مع ظعينة له، فلما أطلع الله - تعالى- نبيه - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- على ذلك، ومكّنه من إحباطه، وراوده بعض أصحابه على ضرب عنقه، قال - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-: (إنه قد شهد بدراً، و ما يدريك لعلّ الله اطّلع على من شهد بدراً فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)(5).
فانظر إلى مبلغ وفائه لأصحابه! وإن عظمت زلّة أحدهم، أو كبر خطؤه، ما لم يكن في حدّ من حدود الله – سبحانه-، أو تهاون بشرعه، و أمكن تدارك الخطر قبل وقوعه.
و لاشك أن هذا الوفاء الفريد، والتصرف الرشيد، سيعزز حبّ ذلك الصحابي للتوبة النصوح من هذا الذنب الذي لا يبرره خوفه على أهله وذويه في مكة.
وهكذا كانت شمائل النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- حقائق عملية في مواقف الحياة المتنوعة، تربي النفوس وتهذبها على معاني الفضيلة، وتغرس في القلوب روائع الإيمان بالله - عزّ وجلّ-.
تكتب هذه السلسلة
د/ منى القاسم

(1) انظر هذه المقالة في أخلاق النبي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- للدكتور/ أحمد الحداد (2/538ـ 574) نقلتها باختصار.
(2)
سيرة ابن هشام (1/28)، وطبقات ابن سعد (1/146).
(3)
سيرة ابن هشام (2/237).
(4)
رواه أبو داود (4359)، و الحاكم ( 4360)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
(5) رواه البخاري (5/184)، ومسلم ( 2494).










توقيع : جارة المصطفى

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور جارة المصطفى   رد مع اقتباس