البرهان 138
من سورة يونس عليه الصلاة والسلام
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي
فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا
وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*
وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ
فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ }
{ 104 - 106 }
يقول تعالى لنبيه محمد
، سيد المرسلين،
وإمام المتقين وخير الموقنين:
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ْ}
أي: في ريب واشتباه، فإني لست في شك منه،
بل لدي العلم اليقيني أنه الحق،
وأن ما تدعون من دون الله باطل،
ولي على ذلك الأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة.
ولهذا قال: { فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ}
من الأنداد، والأصنام وغيرها،
لأنها لا تخلق ولا ترزق،
ولا تدبر شيئًا من الأمور،
وإنما هي مخلوقة مسخرة،
ليس فيها ما يقتضي عبادتها.
{ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ }
أي: هو الله الذي خلقكم، وهو الذي يميتكم، ثم يبعثكم،
ليجازيكم بأعمالكم، فهو الذي يستحق أن يعبد،
ويصلى له ويخضع ويسجد.
{ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ْ}
أي: أخلص أعمالك الظاهرة والباطنة لله،
وأقم جميع شرائع الدين حنيفًا، أي: مقبلاً على الله، معرضًا عما سواه،
{ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ْ}
لا في حالهم، ولا تكن معهم.
{ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ْ}
وهذا وصف لكل مخلوق،
أنه لا ينفع ولا يضر،
وإنما النافع الضار، هو الله تعالى.
{ فَإِنْ فَعَلْتَ ْ}
بأن دعوت من دون الله، ما لا ينفعك ولا يضرك
{ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ْ}
أي: الضارين أنفسهم بإهلاكها،
وهذا الظلم هو الشرك كما قال تعالى:
{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ْ}
فإذا كان خير الخلق، لو دعا مع الله غيره،
لكان من الظالمين المشركين
فكيف بغيره ؟!!