بسم الله الرحمن , والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجميعن
أما بعد
لا يخفى عليكم ما تشهده الساحة الاسلامية من خلافات اسلامية اسلامية في الكثير من المسائل الشرعية , ومن هذه الأمور مسألة (موالاة الكفار).
جذور هذه المسألة ظهرت في عهد النبي , عندما أمر من تولى قريش وأعانهم ورتد وصطف معهم , قال (أقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة) (1)
والحادثة الثانية هي حادثة الصحابي البدري حاطب ابن أبي بلتعة والقصة كما في الصحيحين وغيرهما عن علي - في غزوة الفتح - قال: (بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد، فقال: (انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، قلنا: لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب)، قال: (فأخرجت الكتاب من عقاصها، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله ، فإذا فيه؛ من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله ، فقال رسول الله : يا حاطب، ما هذا؟ قال: لا تعجل علي، إني كنت أمرءاً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله : إنه صدقكم. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق - وفي رواية: فقد كفر - فقال رسول الله : إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال؛ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
هذا الفعل من الصحابي الجليل على ظاهره , موالاة للكفار , لكن توقف النبي عن تكفيره يدل على أن المسألة تحتاج الى القليل من التوقف قبل اصدار الحكم , وجمع شتات الأدلة في هذا الباب حتى نخرج بحكم واضح تبرء به الذمة أمام الله عز وجل .
قال تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم)(2)
وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق)(3)
في الأية الأولى وصف من يتولى الكفار بأنه منهم , أي كحكمهم .
وفي الأية الثانية وصفهم بالمؤمنين مع موالاتهم للكفار.
في شرح كتاب الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان لشيخ الاسلام ابن تيمية , علق الشيخ صالح أل الشيخ (4) على هذه المسألة قائلا:
(قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم), هذا التولي الكفري , وهو نصرة الكافر على المسلم في حال الحرب بقصد ظهور الكفر أو بقصد سلامة النفس دون سلامة الاسلام )
الى أن قال والكلام للشيخ صالح أل الشيخ ( ومن يتولهم منكم ) في حال القتال والنصرة.وقوله تعالى ( فإنه منهم( يعني : خرج عن الدين , لأنه نصرهم في حال قتالهم لأهل الاسلام ).
ثم ذكر الشيخ قصة الصحابي الجليل حاطب ابن أبي بلتعة (5)التي ذكرناها أنفا, فقال : فدل هذا على أنه لم يقصد ظهور الكفر على الاسلام , وانما قصد حماية المال والنفس , وهذا راجع الى أمر الدنيا وليس راجعا الى أمر الدين ,فيكون التولي أو الموالاة بهذا المعنى محرما وضلالا عن سواء السبيل , لكن ليست مكفرة , وذلك لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق), قال العلماء :أثبت أنهم ألقوا المودة ومع ذلك ناداهم باسم الايمان , فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا ) , ومع ذلك قال في أخرها(ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل), فدل على أن هذا الفعل - وهو الموالاة بهذا المعنى , محرم وضلال عن سواء السبيل , ولكن لا يخرج عن اسم الايمان). انتهى
فائدتان
الفائدة الأولى : سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن عن الفرق بين الموالاة والتولي , فأجاب رحمه الله
(التولي كفر يخرج من الملة , وهو كالذب عنهم , أو اعانتهم بالمال والبدن والرأي , والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب , كبل الدواة , أو بري القلم , أو التبشش لهم , أو رفع السوط لهم ) .
الفائدة الثانية : هناك من يقول أن الذي منع حاطب ابن أبي بلتعة من الوقع بالكفر هي مشاركته في بدر , وأهل بدر قد غفر الله لهم وشهد لهم .
وهذا القول يتعارض مع قوله تعالى (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)) (7)
ففي هذه الأيات مع ذكر جملة من الأنبياء والرسل ومن اتبعهم من الصالحين , ختم الله عز وجل بأن من يقع بالشرك فقد حبط عمله , هذا الخطاب لألولياء الله وأنبيائه , فكيف بمن هو دونهم .
هذه محاولة من أخيكم لجمع الأدلة حول هذه المسألة , ان أصبت بها فمن الله وحده , وان أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله من ذلك .
أبو يوسف الحكيمي
منتديات أنصار أل محمد
---------------------------------------------------------
1- سنن النسائي كتاب تحريم الدم
2- 51 المائدة
3- 1 الممتحنة
4- شرح كتاب أولياء الله وأولياء الشيطان لشيخ الاسلام ابن تيمية , لشارحه الشيخ صالح أل الشيخ , صفحة 17
5- نفس المصدر الذي سبق - صفحة 19
6- الدرر السنية (8-422)
7- الأنعام
فقط للتنبيه رعاكم الله
الحديث حول الحكم الشرعيى لهؤلاء
الموضوع لا يتطرق الى هل يجوز قتالهم أم لا
هذه مسألة وهذه مسألة
فقد يحارب ويقتل المسلم ولا يعني كفره أو الحكم بردته .
05-11-13, 03:10 AM
, عندما أمر من تولى قريش وأعانهم ورتد وصطف معهم , قال (أقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة) (1)
- في غزوة الفتح - قال: (بعثني رسول الله 
أبو يوسف المشعل 
(مشاهدة الكل)
عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 :
العرض العادي
