عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-22, 06:57 PM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Nov 2021
العضوية: 12043
المشاركات: 416 [+]
بمعدل : 0.46 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 3
نقاط التقييم: 10
السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السليماني المنتدى : البيــت العـــام
افتراضي

(19)

(116)

قال المصنف رحمه الله ( فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الأجناس المختلفة .... ) الخ كلامه

الشرح :

بين المصنف رحمه الله في سياق هذه الرسالة أن الحقيقة الكونية وشهودها على ماجاءت به الرسل من الإيمان بربوبية الله وتدبيره وبملكه وبسلطانه وبقدر الله وقضائه وجعله وأمره الكوني إلى غير ذلك من الأصول الشرعية التي جاءت بها الرسل واقتضتها الفطرة ودليل العقل وفصلتها الكتب التي أنزلها الله على الرسل عليهم الصلاة والسلام .

فكل هذا من قواعد التوحيد وأصوله لكنه لايكون متمماً أو موجباًَ أو محققاً لما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام وحده حتى يكون الدين لله وحده لاشريك له .


فإن الله بعث رسله وأنبيائه بعبادة الله وإخلاص الدين له وأرسل الله جل وعلا الرسل مبشرين ومنذرين يدعون لعبادة الله تعالى مبينيين هذه العبادة بأوصافها وشعائرها وغير ذلك مما جاءت به الشريعة .

وعن هذا كتب الفقهاء رحمهم الله أحكام العبادات وفصلوها وبينوا ماكن مجمعاً عليه محكماً ومادخل عليه مادة من الاختلاف في فهم أدلة الشريعة على هذا القدر .

وأما الطرق التي سلكت غير هذا السبيل فمنها طرق بالغة الضلال ومن ذلك طريقة أهل وحدة الوجود القائلين بأن الوجود واحد

وهؤلاء يجعلون الوجود وجوداً واحداً بشرط الإطلاق ويجعلونه مطلقاً

أي أن الله سبحانه وتعالى وجوده هو وجود العبد ولايفرقون بين هذا الوجود وهذا الوجود .

وهذه النظرية التي تكلم عنها هؤلاء ذكر المصنف أجوبة ودفوعات وردوداً وبين أنها ليست من مقالات أهل الملل .

وإنما هي فلسفة قديمة نقلها من نقلها من هؤلاء المتفلسفة إلى المسلمين وسموا بها بعض الأوجه من السلوك والتصوف


وفي الحق أن السلوك العبادي والتصوف برئ من مثل هذه الطرق التي هي بالغة في الضلال والزيغ والانفكاك عما بعث الله به الرسل ومااقتضته العقول ودلائل العقول

ومااقتضته الفطرة من هذه الفلسفة الضالة التي سماها من سماها -وحدة الوجود - وهي نظرية بالغة الشروبالغة الانفكاك عن دليل العقل والنقل وأصلها من مقالات قدماء المتفلسفة المتصوفة .


وقد ذكر بعض متقدمي الفلاسفة كأرسطوطاليس ردوداً وجواباً عن هذه النظرية الفلسفية المائلة عن دلائل العقول وبراهين العقل والنقل بل وبراهين الفطرة ولهذا كان مخالفوها ليسوا أتباع الرسل فقط

بل حتى الفلاسفة الذين لايقولون بماجاءت به الرسل -بل يقولون بجمل من دلائل العقل ومقاصد الفطرة تجد أن هؤلاء يخالفون في ذلك .

وقد ذكر المصنف وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه وقع له النظر في كلام لأرسطوطاليس يدفع ويرد به على هذه النظرية .

مما يعلم أنها لم ينشأها ابن عربي وأمثاله ممن تكلم بهذه الفلسفة مع أنه حاول أن يخففها ويقربها لكن هذا التخفيف لم يأت بشئ يقتضي منها وجهاً صحيحاً أو وجهاً معقولاً يلاقي ماجاءت به الرسل .

بل هي مادة مستحكمة في الضلال والترك وهي مخالفة لما بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام بأحرفها ومراميزها وقد شرحها في كتابه فصوص الحكم وهذا الكتا ب لابن عربي وله كتاب آخر وهو الفتوحات المكية وإن كان كلامه دون مما في الفصوص وأقرب إلى الشريعة .

وهي ليست لعامة الصوفية بل ولاأكثرهم ولالكثير منهم

وإنما نزع إليها أعيان ممن انتسبوا إلى التصوف وهو في حقيقة الحال متفلسفة نقلة لهذه الفلسفة التي حاولوا أن يقربوها للشريعة لكنها لاتقرب لإن مادتها مستحكمة في الخطاً والضلالة .

كما حاول الفلاسفة النظريون من أصحاب و أرباب الدليل العقلي أن يقربوا الفلسفة العقلية لدين المسلمين ولم يحكموا ذلك ولم يستطيعوه لإن هذه مبنى الحق -دين الإسلام - وتلك فلسفات باطلة ليست على دبن الرسل عليهم الصلاة والسلام فضلاً عن أن كون متصلة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم

وإلا فإن هذا المسلك حاوله من حاوله ولهذا كتب أبوالوليد بن رشد رسالة في ذلك سماها -فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال - وإن كان أبو الوليد بن رشد أقرب من حيث العقل والنقل للموافقة مما يذكره ابن عربي وأمثاله .


لإن في تلك الفلسفة العقلية بعض المواد المشتركة بين العقل والنقل مما جاء النقل باعتباره وتصحيحه .

ولهذا لم يكن عند التحقيق دليل العقل ملاقياً لدين النقل أو مقابلاً له وإنما تضمن في كتاب الله الأدلة الشرعية في القرآن كثيراً من الأدلة العقلية .

ولذلك لما سموا أن أرسطو هو من بنى علم المنطق اعترض عليهم باعتراض مشهور بأن المنطق الصحيح - وجملة منه يذكرها أرسطو ومن عرب منطقه - وهذا مما مدرك عند أرباب العلم بالأدلة العقلية وتحقيقها في نفوس المخاطبين :

وإن كان قدر منه قد يكون من تحصليهم

فما يختصون به من المعاني لايكون من الصحيح

ومايختصون به من الألفاظ فها من باب الاصطلاح

والاصطلاح ليس حاكماً على المعاني أو منشئاً لها .


إنما يتعلق بطريقة ابن عربي وابن سبعين وأمثالهم فهي طريقة غالية وسموها تصوفاً وهي طريقة غالية بعيدة عن شأن جماهير الصوفية

وإن كان ينسب هذا القول لكثير من الصوفية فهذا نسبتهم إليه ليست محققة .


إنما أصحابها هم أعيان معروفون وهم فلاسفة في نفس الأمر

ومن أخصهم صاحب الفصوص ولو أنه اقتصر على ماذكر في الفتوحات المكية لكان عليه أغلاط بينة وبدع ظاهرة

لكنها دون تلك الضلالة التي وقع فيها في فصوص الحكم .


-------------

الشريط الخامس من شرح رسالة العبودية للشيخ يوسف الغفيص .










عرض البوم صور السليماني   رد مع اقتباس