عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-13, 06:15 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
ابو معاذ السُنّي
اللقب:
محاور مشارك
الرتبة


البيانات
التسجيل: Jan 2013
العضوية: 9687
العمر: 66
المشاركات: 165 [+]
بمعدل : 0.04 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 12
نقاط التقييم: 41
ابو معاذ السُنّي على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
ابو معاذ السُنّي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو معاذ السُنّي المنتدى : بيت القصـص والعبـــــــر
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم









الحلقة السابعة






لا يمكن للإنسان ان يكون ملحدا خالصاً في ظرف يوم وليلة . وإذا كان الإنسان ذا خلفيّة اسلاميّة ولو سطحيّة , فأن بقايا دينيّة ستبقى تلازمه لفترة قد تطول لأشهر فهناك بقايا إيمانيّة وقصاصات وجدانيّة , تظهر للشخص من حين لآخر . هناك رحمة من الله يلتمسها المنصف ويجدها المرء في نفسه في أوقات مختلفة .





هناك نسمات رحمانيّة تكون على شكل ذكريات جميلة لماضي جميل تظهر للملحد من وقت لآخر , تلامس وجدانه وتحرّك مشاعره فربما يعود الى الحق . هذه النسمات تبقى في أماكن مختفية وتظهر فجأة . ولكنّ العناد واتّباع الهوى يجعلان الانسان يصر على ان يسلك الطريق الخاطئ الذي اختاره بنفسه .




ايها القارئ الكريم ربما يجول الآن في صدرك اسئلة تريد ان


تسألها , عن شعوري في هذه المرحلة وعن أحوالي النفسيّة وربما عن دراستي فيما إذا كانت قد تأثّرت ام لا .. وربما عن موقف الزملاء الذين كانوا معي .!!!!




ولا أخفيك سِرّا , إذا قلتُ لك أن كل ذلك قد تأثّر سلباً . ولكن الأهم منها هو شعوري الداخلي وهو الذي سأذكره لك مختصراً . فقد انتابتني موجهة من الصراعات وثورة من العواطف المتناقضة . تساؤلات غريبة تنتابني بين الفترة والأخرى . تبدّلت نظرتي للأشياء , فكل شيء جميل اصبح قبيحاً أو ليس فيه الجمال الذي كنتُ اشاهده فيه . اصبحتُ ارى الأشياء من المنظور الآتي



(( هل لها إلهٌ خلقها أم لا ...!!!!!!؟؟ ))



اذهبُ الى البحر فبدلاً من ان اتمتّع بهدوئه وبجماله اصبحتُ انظر اليه وأقول كيف تكوّن على الارض ومن أين أتى الماء . انظر الى العصافير الجميلة التي كنتُ سابقاً انثر لها الحبوب لتتجمّع حولي , أنظر اليها الآن فلا يهزّني نحوها سوى سؤالي عن كيف كانت قبل ملايين السنيين , وهل كانت تطير قبل ان تكون على حالتها هذه ام كانت تزحف زحفاً , وكيف كانت اشكالها فيما مضى ...!!!




حتى الهواء اللطيف والنّسمة الهادئة التي كانت تداعبني بِرِقّتِها , لم تعد سوى استفسارات عن المناخ وعن تأثيرات المنخفض الجوّي القادم من الشمال أو الجنوب , كل شيء اصبح مجرّد اسئلة واستفسارات وبحوث ونظريّات ..!!!




المروج الخضراء والأنهار الصافية والجداول التي تشبه الأفعى وهي تنساب في صمت وهدوء بين الأشجار الظليلة , كل ذلك قد اصبح في نظري , فقط حدثاً جغرافيّا أو جيولوجيّا .


القارئ عبد الباسط محمد عبد الصمد وهو يرتّل القرآن لم يعد صوته الشّجي سوى بحثا تاريخيا عن بداية الديانات . ولم تعد سورتي الرحمن والتكوير في ذهني سوى , تساؤلات عن الماضي السحيق ... بعد أن كانتا تهزّان أعمق وجداني .




فقدتُ المتعة في كل شيء وذهب من عيوني جمال كل شيء ....!!!


وهذا الشعور هو ما يجعل الكثير من الملحدين يلجأون الى المخدرات والكحول , وهو نفسه الذي يجعلهم ينتحرون . فالدنيا عندهم كلّها تصبح خالية من


الطعم واللون والرائحة .




كان الكرب وضيق صدري تتعاقب عليّ ولم اعد استطيع الضحك من اعماقي كما كان سابقاً , ولم يعد هناك شيئ يسعدني او ينشرح له صدري إلاّ نادرا .



ولكن مهلاً فهناك سؤال هام قد يخطر في بالك ايها المتصفّح الكريم وهو :




ألم يكن ذلك كلّه كافيّا لكي تعود أدراجك وتتوب الى ربّك ...!!!!؟؟؟؟




والجواب على هذا السؤال ليس صعباً الآن . فهو بكل بساطة


( نعم )

بل ان واحدا منها كان كافيّا لكي أتراجع ..




ولكن هذا جوابي الآن



فإنا الآن فقط أتذكّر شعوري في ذلك الحين واستعيد من ذاكرتي ما كنتُ اشعر به في تلك الحقبة السوداء . أما لو أنّك سألتني حينها فإنّك ستجد جوابا مغايرا عن هذا الجواب , وستجد تفسيرات أخرى وسوف تجد أني ادافع عن كل ذلك مستميتاً في دفاعي , وسيكون الرّد عليك مشفوعاً ( بالأدلّة والبراهين ) ..!!




إن جوابي لك حينها سيكون على النحو التالي



أنا انظر للأشياء من منظور علمي بحت , وابحث عن الجوانب العلميّة في كل شيء من النّملة حتى الجبل , ان سبب تأخر العرب هو انهم ينظرون للأشياء بنظرة كلاسيكيّة وجدانيّة . أما نحن فلا دخل للعواطف في ربط الأشياء .



(( إنّه العلم المحض ... والنظرة الباحثة عن كل شيء في كل شيء ))




ربما سيكون جوابي لك هو ما سبق أو ما شابهه . وصدّقني أني لم أكن ارى خسارتي لتلك الأشياء على انها خسارة . بل ربح وفائدة , ,اني كنتُ أرى ان ذلك هو الأنفع والأفضل فهو في نظري تطوّر وربط علمي لعناصر الكون .


إنّ الإنسان حين يقع في الضلالة فإن الأشياء السيئة يراها حسنة والعكس.


ألم تقرأ قول الله تبارك وتعالى حين قال :




أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر : 8]




الآية أعلاه توضّح لك كل شيء , وذلك بالضبط كان هو حالي , فلم أكن اشعر بأني فقدتُ شيئا , بل على النقيض كنتُ أرى أنّ غيري هو الذي يعيش في رجعيّة وجهل , ولا طائل من وجوده هو.



ولك ان تتذكّر كلامي الذي قلته عن داروين وكتابه في الحلقة السابقة فقد قلتُ



(( وله في ذلك شروحات وتوضيحات مصحوبة بالصّور والأمثلة التي أختيرت بعناية ورُتّبت بصورة شيطانيّة ونُظّمت بطريقة خبيثة وبأسلوب ماكر . ))



هذا الكلام لم يكن يخطر على بالي حين قرأتُ الكتاب , بل قل حين استسلمتُ لما جاء في ذلك الكتاب . لم تكن نظرتي له على ما هي عليه الآن . !!



كنتُ اراه افضل الكتب على الاطلاق , وانه الكتاب الذي يجب توزيعه مجاناً .


وتلك الحالة تشبه حالة المدخّنين . فهم لا يشمّون الرائحة النّتنة التي تنبعث من الدّخان . هو في نظرهم اطيب ريحاً من المسك وهذا معروف عنهم . وهذا نفسه هو الذي كان معي .




أما حالة الضيق والكرب ,التي كانت تنتابني بين افينة والفينةفقد عزوتُ اسبابهما الى الإهتمام الزائد بالدراسة وكثرة التركيز أو الى اسباب التقطها من هنا وهناك . ولم تكن ملازمة لي دائما فقد كانت تأتي وتروح ومع الوقت اعتدتُ عليها وتعايشتُ معها . إلا انها قد غيّرت كثرا من طباعي وسلوكي وتعاملي مع الآخرين ولم اعرف انها بسبب الضلال الذي وقعتُ فيه إلاّ بعد توبتي النهائيّة , حيث بقيَتْ معي حتى عرفتُ الحق (تماماً ) وذلك في عام 1415 هـ تقريباً .





اطلتُ عليكم في تفصيل وشرح هذه الفقرة , وذلك لما لها من وقع كبير في نفسي


وكنتُ سأختم هذه الفقرة وانتقل الى التالية لها وهي الاصعب لولا أني شعرتُ ان هناك سؤال قد يحوك في نفس القارئ وهو :




هل تنصّلتَ من الدين كاملاً , وهل بدأتَ محاربته فوراً ..؟؟



ربما سيعجب القارئ الكريم لو قلتُ له : أني كنتُ من اكبر المدافعين عن الدين الاسلامي وكنتُ متصدّرا للحوارات التي تحدث بين بعض الطلبة النصارى والمسلمين . وحتى القسس والمبشّرين . فنظرا لما رزقني الله من اطّلاع كبير ووفرة في المعلومات وما منّ به عليّ من إجادة للغة الانجليزية , فلذلك كنتُ اتصدّر المشهد في الذود عن الاسلام والعرب والقضيّة الفلسطينيّة . ولن اذكر من تلك الحوارات شيئا لعدم فائدتها , وانما سأذكر ما هو أهم منها وهو هذا السؤال :



(( كيف لملحد أن يدافع عن الإسلام .... !!!؟؟؟ ))



ههههه أشعر أن بعض القراء يضحك وآخر يقول:


شكلها كبيرة ... أو ... كثّر منها


والجملتين اعلاه نقولها نحن السعوديين عندما يحدّثنا شخص بشيء يبدو انه غير صحيح أو ان ذلك الشيء عجيب او لا يُصدّق ...!!



ولكن والله أن هذا هو الصحيح وهذا هو الذي حصل . وسوف تجدون تفاصل ذلك ان شاء الله في الحلقة التالية .



يحفظكم الله










توقيع : ابو معاذ السُنّي

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة ابو معاذ السُنّي ; 23-11-13 الساعة 06:34 AM
عرض البوم صور ابو معاذ السُنّي   رد مع اقتباس