(الدافع للحسين للخروج للكوفة) أن بعد موت معاوية وولاية يزيد، كثر ورود كتب أهل العراق على الحسين بن علي ا وهو بمكة، كما قال الحـافظ ابن كثير رحمه الله: (فكان أول من قـدم عليه عبدالله بن سبع الهمداني، وعبد الله بن والٍ... ثم بعثوا بعدهما نفراً، منهم: قيس بن مسهر الصدائي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكوا الأرحبي، وعمارة بن عبدالله السلولي، ومعهم نحو من مائة وخمسين كتاباً إلى الحسين، ثم بعثوا هانئ السبيعي، وسعيد بن عبد الله الحنفي، ومعهما كتاب فيه الاستعجال في السير، وكتب إليه شيث بن ربعي، وحجار بن أبحر، ويزيد بن الحارث ابن رويم، وعمرو بن حجاج الزبيدي، ومحمد بن عمر بن يحيى التميمي: أما بعد فقد اخضرت الجنان، وأينعت الثمار،ولطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جندلك مجندة، والسلام عليك فاجتمعت الرسل كلها بكتبها عند الحسين وجعلوا يستحثونه، ويستقدمونه عليهم ليبايعوه عوضاً عن يزيد بن معاوية هذا الذي دفع الحسين إلى الخروج إلى العراق، بعد أن كان عازماً على البقاء بالحجاز، بعد تدبير الله عز وجل وإرادته له الشهادة في سبيله بعد ذلك بعث إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليتحقق له من خبرهم ويتثبت من عزمهم عندما وصل إليهم مسلم الكوفة، اجتمع عليه من أهلها اثنا عشر ألفاً فكتب مسلم إلى الحسين قبل أن يقتل: ليقدم عليها، فقد تمهدت له البيعة والأمور، فعزم الحسين وتجهز للخروج عندما شاع عزم الحسين على الخروج إلى الكوفة هرع أهل الفضل والصلاح والرأي من الآل والأصحاب وغيرهم ليردوه من الخروج إلى قومٍ خذلوا أباه، وكانوا سبباً في موت أخيه الحسن جميعاً، ولكن كان أمر الله قدراً مقدوراً ..... بعد ذالك حدث الذي تنبأ به هؤلاء الأخيار، الناصحون، المشفقون، الأبرار، العالمون بمخازي الشيعة ووقع كما تنبأوا به ,,, بدأ خذلان الشيعة للحسين بخذلان رسوله إليهم مسلم بن عقيل فبعد أن منوه بالنصرة قد تمكن ابن زياد من استمالة كل الذين كاتبوا الحسين إن رغباً أورهباً واشترى ذممهم بشيء من حطام الدنيا الفاني ولهذا صدق الفرزدق الشاعر عندما لقيه الحسين في الطريق وهو آتٍ من العراق، فسأله عن أمر الناس، وما وراءه، فقال: "قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء"، فقال له: "صدقت، لله الأمر من قبل ومن بعد " لقد قاتل الحسين مقبلاً غير مدبر و لا شك أن مقتل الحسين وآل بيته من المصائب العظام، والحوادث الجسام التي حلت بالأمة، لكن ما عند الله خير وأبقى، وعلينا جميعاً أن نتئسى بوفاة نبينا وشفيعنا محمد جده، حيث لم ينل الحسين ولا غير الحسين الذي ناله إلا بشرف الإنتساب إليه وباتباعه فما من مسلم الا وهو حزين مكلوم لما أصاب الحسين وآل بيته وغيرهم من المصطفين الأخيار لقد أكرم الله الحسين وآل بيته بالشهادة، وهو الآن في أعلى الجنان بشهادة جده له وللحسن ا بأنهما سيدا شباب أهل الجنة في الجنة. وهو في غنى عن هذا الخبل، والهبل، والحزن، والبكاء، والنحيب الذي يصنعه هؤلاء، الذي إن دل على شيء يدل على خبل العقول وضعفها، ولا يعبر عن محبة الحسين ولا آل البيت، فحب آل البيت من الإيمان، وقد أوجبه الله هو وصنوه حب الأصحاب على العباد لا نملك إلا أن نقول في نهاية المطاف: الحمد لله الذي عافانا مما أبتلي به هؤلاء القوم، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً