شبكــة أنصــار آل محمــد - في طفولتي البريئة كنتِ كل الوجود بالنسبة

في طفولتي البريئة كنتِ كل الوجود بالنسبة لي وكنتِ أنظر إليك وكأنك ملاك طاهر منزه عن الأخطاء، كنتِ تسقيني وأنا أتشرب معينك الصافي أوأنمو وأكبر
باستسلام تام ...
وعندما كبرت قليلا وأينعت علمت أن الخطأ وارد على أي كان !
ولكن لازلتِ الصورة مثالية فأنا أتعلم وأتلقى رغم المناقشات والاعتراضات وعدم الإقتناع ،
وكبرت أكثر وأكثر ،وكثر التمرد.
النصائح ما هي إلا أوامر ،
والحرص ماهو إلا تحكم،
والأوامر ما هي إلا إلغاء للشخصية ،
وتجاوزتُ هذه المرحلة وحرصت على برك ونيل رضاك ،
ولكني لا أنكر أنني كنت أحتفظ بانتقاداتي في ذاكرتي، وأتسخط على المواقف في مخيلتي ، وأعاهد نفسي على عدم اتخاذ هذا الإسلوب ، وعلى تلافي هذه الشدة ،

ولكن بعد أن أصبح لدي أطفال أخشى عليهم ،وأحرص على تربيتهم ، وتهمني سعادتهم ، أجد نفسي أتقمص أحيانا كثيرة شخصيتك ، وفي موقف أخر أنهج أسلوبك ،وأرتدي قناع التبرير لنفسي .
أتسائل عن انتقاداتي أين ذهبت ؟!
وعن ملاحظاتي هل تآكلت؟ !
وعن تعليقاتي هل انتهت ؟!
فأدرك عجزي عن غرس ما غرستِ ... فغرسك لم تجن ثماره أنت فقط ،
بل لازلتُ في كل يوم أنا أجني ثماره من أول استيقاظي إلى موعد نومي ، مع كل نفس أتنفسه وكل حركة أتحركها،
في سمو تفكيري ،وتهذيب أخلاقي ،
في بيت الله المحرم ، وفي رمضان المعظم ، واحترام هذا الضيف أيما احترام ، والحرص على اكرامه ،
في الدعاء ،في الصلاة ....
في الصيام ..في القيام ....
عند تجلي الرحمن ..
في مقابلة الإساءة بالإحسان ..
في الصدق .. في التواضع ..
في محاسبة النفس .. في التفائل ..
في محبة كل تقي أي من كان ..
وماذا أذكر بل كيف لي أن أنسى وغرسك يظلني في حياتي ! وثمرك يحفظ لي بقائي !
علمتِ أنك لن تستطيعي حمايتي دوما فحصنـنتـيني بدروع واقية وحصن متين يحفظني في حياتي وبعد مماتي .
عذرا منك يا أمي .......
وعذرا من كل أم لم يقدر أبناؤها عظيم صنعها ، عذرا منك إن فهمتك خطأ ،أو انتقدتك جهلا ،
فها أنا رغم ثقافتي وكثرة اطلاعي لا زلت أخطئ مرارا وتكرارا ، فماذا أريد منك أكثر مما فعلتي ؟
وهل لي بتربية مثل تربيتك ! وهل لي بعلم استمده منك ! وهل لي بجواهر ثمينة ألقيها حولي يشع نورها فيملأ الكون كله !
حفظك الله لنا وجزاك الله عنا خير الجزاء في الدنيا والآخرة ♥♥♥

بقلم روح المنى